أرى غيماً تُؤلِّفُهُ جَنوبٌ ... أراهُ على مَساءَتِنا حَريصا
فحزْمُ الرأيِ أن تدعو برِطْلٍ ... فتشربُهُ وتكْسوني قَميصا
وطريد هذا الخبر ما كتب جحظه إلى قوم استدعوه إلى شراب فقال:
وجماعةٍ نشطتْ لشُربِ مُدامةٍ ... بعثوا رسولَهُمُ إليَّ خصوصا
قالوا اقترحْ لوناً يُجادُ طبيخُهُ ... قلتُ اطبخوا لي جُبّةً وقَميصا
أنشد:
وغيثٍ دَرورِ المُقلتينِ كأنّما ... مَدامعُهُ فوقَ الثَّرى لؤلؤ أَثْرى
شربْتُ عليهِ قهوةً بابليّةً ... هيَ الخمرُ أو عُودٌ تُناولُهُ جَمْراً
آخر وقد أبدع في قوس قزح:
وصاحبٍ يقدحُ لي ... نارَ السرورِ بالقدَحْ
في روضةٍ قد لُبستْ ... منْ لؤلؤِ الطلِّ سُبَحْ
يألفني حَمامُها ... مُغتبَقاً ومُصطَبَحْ
والجوُّ في مُمَّسكٍ ... طِرازُهُ قوسُ قُزَحْ
يبكي بلا حزنٍ كما ... يضحكُ من غيرِ فرَحْ
ابن المعتز:
أيا جارةَ العُودِ غنّي لي ... ويا ساقيَ القومِ لا تنْسَنا
فقدْ لبِسَ الجوُّ بينَ السما ... ءِ والأرضِ مِطْرَفَهُ الأدْكَنا
آخر:
في يومِ غيمٍ ترى سحائبَهُ ... برْقَ ابتسامٍ ورعدَ تَصفيقِ
علي بن داود:
سَقياً ليومِ صَبوحِنا ... إذْ غُيِّبَتْ عنهُ الشَّوامِتْ
يومٌ كأنَّ سماءَهُ ... حُجِبَتْ بأجنحةِ الفواخِتْ
وكأنَّ نثرَ قِطارِهِ ... دُرٌّ على الأوراقِ نابِتْ
وكأنَّ وشيىَ رِياضِهِ ... وشيٌ يُنشَّر للنواعِتْ
وكأنّما الأوتارُ في ... هِ جَلاجلٌ نُطْقٌ صَوامِتْ
فارْبَعْ بهِ وبمثلِهِ ... لا تأسفَنَّ لفَوتِ فائِتْ
الفضل بن الربيع:
أما ترى اليومَ ما أحلى شمائلَهُ ... صَحوٌ وغيمٌ وإبراقٌ وإرْعادُ
كأنّهُ أنتَ يا منْ لستُ أذكرُهُ ... وصْلٌ وهجْرٌ وتقريبٌ وإبعادُ
آخر:
يومٌ يحفُّ بجانبَيْهِ سرورَهُ ... والأرضُ وشْيٌ والسماءُ بُروقُ
نَوحٌ من الوُرْقِ الحمامِ لمِبرحٍ ... وعَلْيهِ جَيبُ سَحائبٍ مَشقوقُ
ابن الرومي:
واليومُ مَدجونٌ فحُرّته ... فيهِ بمُطّلعٍ ومُحتجَبِ
شمسٌ تُسايرُنا وقدْ بعثَتْ ... نوراً يُطالعُنا بلا لهَبِ
والعُودُ يضحكُ كيْ تُجاوِبَهُ ... معشوقةٌ موموقةُ الصخبِ
مسلم:
ويومٍ كأنَّ الشمسَ فيهِ مريضةٌ ... منَ الدجنِ مطلولِ الضحى والظهائرِ
جمعْتُ لهُ الأشتاتَ منْ كلِّ لذّةٍ ... وأمسكْتُ منْ أنفاسِها بالمزاهرِ
الصنوبري:
يومٌ ذُيولُ سُحبِهِ ... على الثرى مُنسحبَهْ
سماؤُهُ من فضّةٍ ... وأرضُهُ منْ ذهَبَهْ
وكأسُها مَخضوبةٌ ... أوتارُها مُصطخبَهْ
آخر:
ويومٍ يُؤثِرُ اللذا ... تِ فيهِ منْ لهُ أدَبُ
وشمسٍ منْ وراءِ الدج ... نِ تُسفِرُ ثُمَّ تَنتقِبُ
ومجلسُنا على شرَفٍ ... بحُجْبِ الغيمِ مُحتجِبُ
فمِنْ شرقيِّهِ لهبٌ ... ومنْ غربيِّهِ صخَبُ
آخر:
ومُنتبهٍ يسعى إليَّ بكأسِهِ ... وقدْ كادَ ضوءُ الصُّبحِ بالليلِ يفتِكُ
وقدْ حجبَ الغيمُ السماءَ كأنّما ... يُمَدُّ عليها منهُ ثوبٌ ممسَّكُ
ظلَلْنا نَبُثُّ الوجدَ والكأسُ دائرٌ ... ونَهتِكُ أستارَ الهوى فتَهتَّكُ
ومجلسُنا في الماءِ يهوي ويرتقي ... وإبريقُنا في الكأسِ يبكي ويضحكُ
الصنوبري:
أنيسُ ظِباءٍ كوحشِ الظباءِ ... وصِبغُ حياً مثلُ صِبغِ الحَياءِ
ويومٌ يُكلّلهُ بالشُّموسِ ... صفاءُ الهوى في صفاءِ الهواءِ
بشمسِ الدنانِ وشمسِ الجِنانِ ... وشمسِ القِيانِ وشمسِ السماءِ
وأسحَمُ ينثرُ منْ طَلِّهِ ... على دُرِّ نَوّارِهِ دَرَّ ماءِ
ويصبح ركْضُ صَباهُ يثي ... رُ عَجاجةَ كافورِهِ في الفضاءِ
تظلُّ بهِ الطيرُ مشغولةً ... تَطارَحُ فيهِ صُنوفَ الغناءِ
تَروقُكَ بالضربِ من غيرِ عودٍ ... وتصبيك بالزَّمرِ من غير نائِي
فقُمْ نشتمِلْ برداءِ الزمانِ ... فإنَّ الزمانَ أنيقُ الرداءِ
العلوي: