جَمعْن فَخامةً وخُلوصَ عِتْقٍ ... وحُسناً بعدَ ذلكَ واعتِدالا
وليس لأحد من الشعراء العرب، في نعت محاسن النساء، ما لذي الرمة من الأوصاف البارعة، بجودة سبك، وكثرة ماء، ورقة لفظ، حتى كأنه حضري من نازلة المدر لا سكان الوبر، وهو بجفوة البدو وعنجهية الصراحة فهو أعرابي مهاجر، ووحشي حاضر.
وقال الأشجع:
نَفْسي الفداءُ لِشادنٍ ... يَهْوَى ويمنَعُهُ نِفارُهْ
ظبيٌ يجولُ وِشاحُهُ ... ويَغُصُّ في يَدِهِ سِوارُهْ
ابن الطثرية:
هَضيماتُ ما بين التَرائِبِ والكُلَى ... لِطافُ الخُصورِ صامِتاتُ الخلاخِلِ
عفيفاتُ أَسرارٍ، بَعيداتُ رِيَبةٍ ... كثيراتُ إِخلافٍ، قليلاتُ نائلِ
مِراضُ الجُفونِ في احْوِرارِ مَحاجِرٍ ... طِوالُ المُتونِ راجِحِاتُ الأَسافِلِ
القطامي:
خَوْدُ مُنَعَّمَةٌ نَضخ العَبير بها ... إِذا تَميلُ على خَلخالِها انْفَصما
ليستْ ترى عَجَباً إِلاّ بدا بَردٌ ... غُرُّ المَضاحِك ذو نَوْرٍ إذا ابْتَسما
ذو الرمة:
ضَرجْنَ البُرودَ عن ترائب حُرَّة ... وعن أَعيُن قتَّلْننا كلَّ مَقتَلِ
إِذا ما اْلتَقَيْنَ من ثلاثٍ وأربعٍ ... تَبَسَّمْنَ إيماضَ الغَمام المُكَلَّلِ
يُهادينَ جَمَّاءَ المرافِق وَعْثَةً ... لطيفةَ حَجْم الكعب رَيّا المُخَلْخَلِ
الأشجع:
جارِيةٌ تهتزُّ أَطرافُها ... مُشبعةُ الخَلخالِ والقُلْب
أَشكو الذي لاقيْتُ من حُبِّها ... وبُغضِ مَولاها إِلى رَبّي
مِن بُغض مولاها ومِن حُبِّها ... نَزَلْتُ بين البُغض والحبِ
فاعْتَلجا في الصَّدر حتى اعْتلى ... أَمرُهما فاقْتَسما قَلبي
ابن هرمة:
بِنفْسِيَ صَبْحاءُ سَيفانَةٌ ... تَكْظُّ البُرى وتُجيعُ الوِشاحا
كأنَّ قلائِدَها عُلِّقَتْ ... على ظَبيةٍ تَتقرّى البِطاحا
حراديةٌ أَبصرتْ رامياً ... يُقَلِّبُ في راحَتيْه قِداحا
فأوْفَتْ على شَرَفٍ تَستَخيرُ طَلاً تتنسَّمُ منه رِياحا
ذو الرمة:
وَبيضاً تهادى بالعَشيِّ كأنّها ... غَمامُ الثُريّا الرائحُ المُتَهلِّلُ
خِدالاً قَذفْن السورَ منهنَّ والبُرى ... على ناعمِ البَرْدِيِّ بل هنّ أَخدَلُ
نَواعمُ رَخْصاتٌ كأنّ حديثَها ... جَنى الشَّهدِ في ماءِ الصَّفا مُتَشَمَّلُ
رقاقُ الحواشي مُنْفِذاتٌ صدورَها ... وأَعجازُها عمَّا بها اللهوُ خُذَّلُ
أولئكَ لا يوفين شيئاً وَعدْنَه ... وعنهنَّ لا يصحو الغَويُّ المُضلَّلُ
عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص:
هيفاءُ فيها إذا اسْتقبَلْتَها عَجَفٌ ... عَجزاءُ غامضةُ الكعبيْنِ مِعطارُ
من الأوانسِ مِثلُ الشمسِ لم يَرَها ... بساحةِ الدارِ لا بعلٌ ولا جارُ
ذو الرمة:
لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ كأنهُ ... مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍ غَمْرِ
سَقِيَّةُأعدادٍ يبيت ضجيعُها ... ويُصبحُ مَحبوراً وخيراً من الحَبْرِ
تُعاطيه برَّاقَ الثَنايا كأنهُ ... أَقاحِيُّ وَسْمِيٍّ بِسائِفَةٍ قَفْرِ
كأن النَدى الشَتويَّ يَرْفَضُّ ماؤهُ ... على أَشنَبِ الأَنيابِ مُتَّسِقِ الثَغرِ
وقال:
وفي المِرط مِن ميٍّ تَوالي صَريمةٍ ... وفي الطَوْق ظبيٌ واضحُ الجيدِ أَحورُ
وبين مَلاثِ المِرْط والطوِق نَفْنَفٌ ... هضيمُ الحشا رَأْدُ الوِشاحينِ أَصفَرُ
تَنوءُ بأُخراها فَلأياً قِيامُها ... وتَمشي الهُوَيْنى من قريبٍ فَتُبْهَرُ
وفي العاج منها والدَماليجِ والبُرى ... قناً مالِيء للعينِ ريَّانُ عَبْهَرُ
خَراعِيبُ أُمْلودٌ كأن بَنانَها ... بَناتُ النَقا تَخْفى مِراراً وتَظهرُ
ترى خَلْفَها نِصفٌ قناةٌ قويمةٌ ... ونِصفٌ نَقاً يَرتَجُّ أو يَتَمَرْمَرُ
عمر بن أبي ربيعة:
سَتروا الوجوهَ بأذرُعٍ ومَعاصِمِ ... ورَنَوْا بِنُجْل للقلوبِ كَوالمِ
حَسروا الأَكِمَّةَ عن سواعدِ فضّةٍ ... فكأنما ابيضت مُتونُ صوارمِ
ذو الرمة: