للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير المرئية تعدد مرات غسلها - ثلاثا أو سبعا- والعصر بعد كل غسلة، ولم يشترط مالك أكثر من صب الماء على النجاسة بحيث يغمرها، ويذهب لونها وطعمها ورائحتها ولا يشترط لازالة النجاسة امرار اليد والعصر ونحو ذلك (١)

وقد حملوا ((اتباع الماء)) و ((نضحه)) و ((رشه)) ، هذه الالفاظ كلها حملوها على معنى الغسل، وقد أفاض الطحاوي في ايراد الآثار الدالة على أن هذه الالفاظ قد تطلق ويراد بها الغسل (٢) .

لكن هذا يؤخذ عليه: أن هذه الالفاظ وان كانت تطلق أحيانا على الغسل فان الحال في مسألتنا هذه لا يحتمل ذلك؛ لأنه يؤدي الى تناقض تتنزه عنه نصوص الشريعة، فحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قد جاء بلفظ: ((فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فاتبعه اياه ولم يغسله))

. فاذا جعل أتبعه بمعنى غسله فان المعنى حينئذ يكون: فغسله ولم يغسله.

وكذلك حديث ام قيس بنت محصن قد جاء بلفظ: ((فنضحه ولم يغسله)) . فلو حمل النضح على معنى الغسل لكان التقدير: فغسله ولم يغسله، وهذا تناقض غير معقول.

وأيضا فان النبي صلى الله عليه وسلم عطف الغسل على النضح في حديث علي -كرم الله وجهه- وعطف الرش على الغسل في حديث أبي السمح - رضي الله عنه- والعطف يقتضي المغايرة. فلو أريد بهما معنى واحدا لكان عبثا يتنزه عنه الشارع (٣)

المذهب الثاني: نسب الى الشافعي قول: بأن بول الصبي الذي لم يأكل الطعام


(١) الاختيار ١/٤٠-٤٤، المنتقى شرح الموطأ ١/١٢٨.
(٢) شرح معاني الآثار ١/٩٣.
(٣) فقه الامام سعيد بن المسيب ١/٣٧.

<<  <   >  >>