للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتبها بخطه، ونقلت إلينا كتاب "الكنى والأسماء" للإمام مسلم (١).

* طلبه للعلّم ونشأته فيه:

نشأ الدارقطني - رحمه الله تعالى- في بيت علم، فقد كان والده - رحمه الله - من أهل العلم بالحديث، وقد روى عنه ولده أبو الحسن (٢) وبدأ الكتابة في سن التّاسعة، حيث يقول عن نفسه: كتبت في أول سنة خمس عشر وثلاثمائة (٣). ويبدو أنّه حفظ القرآن أيضًا في هذه المرحلة، وكان جميل الصوت، فقد قال عن نفسه: كنت أنا والكتاني نسمع الحديث، فكانوا يقولون: يخرج الكتاني محدث البلد، ويخرج الدارقطني مقرئ البلد - يعني لحسن صوته- فخرجت أنا محدثًا والكتاني مقرئًا (٤)، ولم يكن محدثًا فحسب بل كان إمامًا أيضًا في القراءات، وقد تصدر في أواخر عمره للإقراء، وألف في ذلك كتابًا جليلًا لم يؤلَّف مثله، وهو أول من وضع أبواب الأصول قبل الفرش، ولم يعرف مقدار هذا الكتاب إِلَّا من وقف عليه (٥). قال الذهبي: لكن لم يبلغنا ذكر من قرأ عليه وسأفحص عن ذلك إنَّ شاء الله تعالى (٦). قلت: قال ابن الجزري في "غاية النهاية (٧) ": روى عنه الحروف من كتابه محمّد بن إبراهيم بن أحمد.

وكان ممّن بكَّرَ في حضور مجالس العلماء والسماع منهم، فسمع من أبي القاسم البغوي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وغيرهم، وهو صبي؛ كما قال الذهبي (٨). وقال ابن القوَّاس: كنا نمر إلى ابن منيع، والدارقطني صبي يمشي خلفنا بيده رغيف كامخ،


(١) مرويات الإمام الزّهريُّ المعلة (١/ ٦٧).
(٢) السنن (١/ ٩٩)، (٢/ ١٠٣، ١٧٨)، تاريخ بغداد (١١/ ٢٣٩).
(٣) سؤالات البرقاني (٩)، أطراف الغرائب (١/ ٥٢).
(٤) المنتظم (١٤/ ٣٨٠).
(٥) غاية النهاية (١/ ٥٥٩).
(٦) النبلاء (١٦/ ٤٥١).
(٧) (١/ ٥٥٩).
(٨) النبلاء (١٦/ ٤٤٩)، وانظر "أطراف الغرائب" (١/ ٥٥).

<<  <   >  >>