قال الحافظ في "اللِّسَان": حدَّث عن: محَمَّد بن حبيب الجارودي، وعنه الدَّارقُطْنِي والحاكم. قال ابن القطان: لا يعرف حاله، وكلام الحاكم يقتضي أنّه ثقة عنده، فإنّه قال عقب حديثه: صحيح الإسناد إنَّ سلم من الجارودي، وللدارقطني شَيْخ آخر يقال له: محَمَّد بن هشام جرجاني ... اهـ.
قال مقيده - عفا الله عنه -: لقد وهم الحافظ -رحمه الله رحمة واسعة- في جعله محَمَّد بن هشام هذا شَيْخا للدارقطني، وكذا للحاكم، وتوضيح ذلك يكون من وجوه - بتوفيق الله تعالى-:
أوَّلًا: أنّ حديثه المشار إليه -وهو حديث "مَاءُ زَمزَم لمِا شُرِبَ لَهُ"- أخرجه الدَّارقُطْنِي في "سننه" فقال: حدّثنا عمر بن الحسن بن علي، ثنا محَمَّد بن هشام المروذي، ثنا محَمَّد بن حبيب الجارودي. وأخرجه الحاكم في "مستدركه" فقال: حدّثنا علي بن حمشاذ العَدْل، ثنا أبو عبد الله محَمَّد بن هشام المروذي، ثنا محَمَّد بن حبيب الجارودي. فقد تبين من هذا أنّهما لم يرويا عنه مباشرة، وإنّما رويا له.
ثانيًا: أنّ الحافظ نفسه قد ذكر في جزءه الّذي جمعه في هذا الحديث - "مَاءُ زَمزَم لمِا شُرِبَ لَهُ"- أنّ الدَّارقُطْنِي وكذا الحاكم رويا عنه بواسطة.
ثالثًا: أنّ محَمَّد بن هشام المرُّوذي هذا قد ترجمه الخَطِيب في "تَارِيخه" وذكر أنّه مات سَنَة اثنتين وخمسين ومائتين. أي: قبل أنّ يولد الدراقطني بثلاث وخمسن سَنَة؛ لأنّ الدَّارقُطْني ولد سَنَة خمس وثلاثمائة، وقيل: ست وثلاثمائة، وكذا قبل أنّ يولد الحاكم بتسع وستين سَنَة؛ لأنّ الحاكم ولد سَنَة إحدى وعشرين وثلاثمائة. ولعلّ صواب عبارة الحافظ - رحمه الله - وروى له الدَّارقُطْيي والحاكم إِلَّا أنّه قد يعكر عليه أنّ الحافظ - رحمه الله - قال في آخر التّرجمة: وللدارقطني شَيْخ آخر يقال له: محَمَّد بن هشام، جرجاني -فالله أعلم-. ولم يتنبه شَيْخنا الوادعي -رحمه الله وطيب ثراه- لما تقدّم توضيحه بل نقل ترجمته من "تَارِيخ بَغْدَاد" وأنّه توفي سَنَة اثنتن وخمسين ومائتين، ثمّ قال: وترجم له الحافظ في "اللِّسَان" وذكر كلام الحافظ.