للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها، وكادت المرأة المحجبة عندهم أن تكون مرادفة للمرأة المسلمة، أو المرأة التركية (١) التي كانت تمثل الإسلام في نظرهم من خلال "تركيا" دار الخلافة، وهذا الوهم مما يبين مدى جهلهم لا بحقائق الإسلام نفسه فحسب، بل أيضا بحقائق التاريخ، ونصوص كتبهم الدينية التي يتداولونها، ويتعصبون لها، ولا يكلفون أنفسهم عناء قراءتها ومراجعتها، ونخص بالذكر التوراة، والإنجيل.

فمن يقرأ كتبهم يعلم بغير عناء كبير في البحث أن حجاب المرأة كان معروفا بين العبرانيين، من عهد إبراهيم عليه السلام، وظل معروفًا بينهم في أيام أنبيائهم جميعا، إلى ما بعد ظهور النصرانية (٢) .

وقد تكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهدين القديم والجديد (٣) : ففي الأصحاح الرابع والعشرين من "سفر التكوين" عن


(١) اشتهر الحجاب في تركيا لا لأنه "تقليد" تركي كما يزعم المغالطون أو الواهمون، وإنما كمظهر من مظاهر تمسك التركيات بالإسلام، فالحجاب في تركيا كان إسلاميّا فحسب، والترك لم يعرفوه إلا من خلال إسلامهم؟ لأنهم أخذوه عن الشعوب التي تعلموا منها الإسلام، الذي يفرض على المرأة الحجاب، ومن ثم
كان الحجاب- بصورة من الصور- أصلا مرعيُّا في العالم الإسلامي كله- وليس في تركيا وحدها- خلال قرون متطاولة من الزمان.
انظر: "واقعنا المعاصر للأستاذ "محمد قطب " ص (١٥٧) .
وليس العجب من ترويج الكتاب الغربيين لهذه الفِرية أمثال أرنولد توينبي" صاحب كتاب "مدخل تاريخي للدين"، وذلك لأن هؤلاء الغربيين جميعا كانت،
لهم مهمة معروفة عندما كتبوا هذا في حق الأتراك، ولكن العجب من أناس يدعون العلم والمعرفة وهم مقلدة لهؤلاء الغربيين حتى في أكاذيبهم الصارخة مثل دعواهم أن الحجاب بدعة تركية (!) .
(٢) وهنا نسأل: هل يحتمل عند "توينبي" وأذنابه أن يكون الأتراك هم الذين كتبوا لليهود والنصارى كتابهم المقدس عندهم؟
(٣) أنظر: "المرأة في القرآن" لعباس محمود العقاد، الفصل السادس ص (٨٧) ، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>