(وفي يوم من الأيام حكمت الكنيسة الأرثوذوكسية بحرمان المرأة حقها
في المجتمع، فحظرت عليها حضور المآدب والحفلات، وألزمتها الحجاب صامتة صابرة،، لا شأن لها إلا الطاعة للزوج، والقيام بالغزل والنسيج، وطهي الطعام، وإذا خرجت من بيتها خرجت مستورة الجسم من قمة رأسها إلى أخمص قدمها) (١) .
ولعله لهذا بقيت آثار البرقع والحجاب عند أهل الكتاب حتى يومنا هذا، وذلك واضح في زي راهبات النصارى، ودخول النصرانيات الكنيسة، وقد غطين رؤوسهن بساتر، بل هن حتى اليوم في حفلات أعراسهن يغطين وجوههن بنقاب شفاف فلعله من بقايا دينهم.
الحجاب عند عرب الجاهلية
نبين في هذا الفصل- إن شاء الله- أن العرب عرفوا في جاهليتهم حجاب القرار في البيت، وئقاب الوجه، ولعل هذا من بقايا الحنيفية السمحة التي تلقاها عرب الجاهلية عن ملة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، كما تلقوا منها الختان والعقيقة وغيرهما، كما عرفوا سفور الوجه الذي كان أغلب حالات فتيات العرب، وعرفوا هيئات مختلفة من التبرج الذي وصفه الله عز وجل بأنه "تيرج الجاهلية الأولى"، وذلك في قوله تعالى:(وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: ٣٣] ؛ فقد كانت المرأة تلبس درعًا من اللؤلؤ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال (٢) .
وفي أقصى الطرف الآخر كان هناك طائفة من العرب عرفوا التكشف الفاضح حيث كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويُسَوِّغون ذلك بقولهم: "لا
(١) "حقوق المرأة في الإسلام" - من رسائل الجزائري ص (٧) (٢) (٢) "تفسير غرائب القرآن " للنيسابوري (٢٢/ ١٠) - حاشية الطبرى