للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم:

ما كان أغناني عن حُب مَن ... مِن دونه الأستار والحجبُ

ومنه أيضًا قول امرئ القيس:

وَبَيْضَةِ خِدر لا يُرَام خِباؤها ... تَمَتَّعْتُ! مِنْ لَهْوٍ بها غَيْر مُعْجلٍ

يقول: وَرُبَّ امرأة كالبيض في سلامتها أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه ملازمة خِدرَها غير خَرَّاجةٍ وَلا ولاجَة انتفعت باللهو فيها على تمكث وتلبث لم أعجل عنها، ولم أشغل عنها بغيرها (١) . وامتدح العرب المرأة التي تقر في بيتها، ولا تخرج منه، فقال بعضهم في ذلك:

من كان حربًا للنسا ... ءِ فإنني سلم لهنه

فإذا عثرن دعونني ... وإذا عثرت دعوتهنه

وإذا برزن لمحفل ... فقصارهن ملاحهنه

فقوله: قصارهن يعني المقصورات منهم في بيوتهن اللاتي لا يخرجن منها إلا نادرًا، كما أوضح ذلك كثير عزة في قوله:

وأنتِ التي حببتِ كل قصيرة ... إليَّ وما تدري بذاك القصائر

عنيت قصيرات الحَجال ولم أرد ... قصار الخطا شر النساء البحاتر

والحجال جمع حجلة، وهي البيت الذي يزين للعروس، فمعنى قصيرات الحجال: المقصورات في حجالهن، البحاتر: جمع بُحْتُر وهو القصير المجتمع الخَلْق.

وذكر بعضهم أن رجلًا سمع آخر قال: لقد أجاد الأعشى في قوله:

غراءُ فرعاء مصقول عوارضها ...

تمشي الهوينا كما يمشى الوَجِي الوَحِلُ (٢)


(١) شرح المعلقات السبع للزوزني ص (١٥)
(٢) الوَجِي: من يشتكي ألما في قدمه، والوَحِلْ الذي يتوحل في الطين.

<<  <  ج: ص:  >  >>