للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مشيتها من بيت جارتها ...

مر السحابة لا ريث ولا عجلُ

ليست كمن يكره الجيران طلعتها ...

ولا تراها لسر الجار تختتل

فقال له: قاتلك الله، تستحسن غير الحسن، هذه الموصوفة خرَّاجة وَلاجة، والخراجة الولاجة لا خير فيها، ولا ملاحة لها، فهلا قال كما قال أبو قيس بن الأسلت:

وتكسل عن جاراتها فيزرنها ... وتعتل من إتيانهن فَتُعْذَرُ (١)

ومن امتداح العرب المرأة القارَّة فِى بيتها قول امرئ القيس:

ويضحى فتيتُ المسكِ فوق فراشها ...

نؤومَ الضُّحى لم تنتطِقْ عن تَفَضُّلِ (٢)

فهو يذكر ترف هذه المرأة، وأن لها من يكفيها، فقال "نؤوم الضحى" أي أنها تنام إلى وقت الضحى، وأن فتيت المسك - وهو ما تفتت من المسك عن جلدها فوق الفراش- يبقى إلى الضحى، وهي لا تنتطق أي لا تلبس النطاق في وسطها لِتَخْدُمَ، ولكنها في بيتها متفضلة.

بل كان من الجاهليات من توصف بأنها غاية في التستر والانجماع عن الأجانب، ولزوم الأخلاق الفاضلة، ألم تسمع قول الشَّنْفَرى يمتدح زوجته أميمة:

لقد أعجبتني لا سَقُوطًا قِناعُهاِ ...

إذا ما مشت، ولا بذات تَلَفّتِ (٣)


(١) "أضواء البيان " (٧/٦٨٧- ٦٨٨) .
(٢) انظر "شرح المعلقات " للزوزني ص (٢٣) .
(٣) يقول: إنها عفيفة ستيرة رزينة في مِشيتها، لا تتعمد إسقاط نقابها أمام الأجانب لاحتشامها، وحيائها، ولا تكثر من التلفت كما تفعل ذوات الريبة من النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>