المعركة مع الشيطان معركة جدية، وأصيلة، ومستمرة، وضارية، لأنه عدو عنيد يصر على ملاحقة الإنسان في كل حال، وعلى إتيانه من كل صوب وجهة، كما وصفه الله تعالى في قوله:(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)) [الأعراف: ١٦، ١٧] ، ولا عاصم لبني آدم من الشيطان إلا التقوى والإيمان والذكر، والاستعلاء على الشهوات، وإخضاع الهوى لهدى الله تبارك وتعالى.
ومن استعراض ما حدث لآدم عليه السلام مع عدوه إبليس نرى أن
الحياء من التعري وانكشاف السوءة شيء مركوز؟ في طبع الإنسان وفطرته إذ يقول الله سبحانه:(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا)[الأعراف: ٢٠] ،. وقال عز وجل:(فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)[الأعراف: ٢٢] ،.
وقال عز من قائل:(فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)[طه: ١٢١] .
لقد نسي آدم، وأخطأ، وتاب، وأستغفر، فقبل الله توبته، وغفر له، وانتهى أمر تلك الخطيئة الأولى، ولم يبق منها إلا رصيد التجربة الذي يعين
(١) أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (٥٩٠) ، وابن حبان (٥٠) ، والحاكم (١/ ١٩) ، والإمام أحمد (٦/١٩) ، وابن أبي عاصم في "السنة" رقم (٨٩) ، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وفيه أن هذه المرأة الخائنة احتاجت إلى غياب زوجها حتى تتبرج، فما عسانا نقول في نساء اليوم اللائي لا يحتجن إلى ذلك، بل يرتكبن أقبح أنواع التبرج وعلى مرأى ومسمع، بل وإقرار ورضَا من أزواجهن؟!