للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يكون الحجاب حينئذ لباس شهرة؟

ولإزالة هذا التوهم نقول بتوفيق الله:

أولًا: إن هذا الأمر - أعني كون الحجاب نفسه لباس شهرة- محتمل في حالة واحدة فقط وهي: (مجتمع التزم نساؤه بكل شروط الحجاب، وشذت شرذمة منهن، فالتزمت كل شروط الحجاب ما عدا الشرط الأخير، وهو أن لا يكون لباس شهرة) ، وإلا فإن شروط الحجاب السابق ذكرها، والواجب توافرها مجتمعةً لا تتناقض.

ثانيًا: أما في مجتمع شاع فيه السفور والتبرج والتهتك، ثم التزمت فئة قليلة من نسائه بزيِّ يستوفي كل شروط الحجاب، غير أنهن قصدن من وراء ذلك الشهرة أو التكبر والتفاخر، ولم يقصدن طاعة الله سبحانه، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فلهؤلاء النسوة حظ من الوعيد الوارد فيمن لبس ثوب شهرة؟ لأن المدار في اعتبار الثوب ثوبَ شهرة من عدمه إنما هو على النية والقصد، فالواجب هنا تصحيح النية، وتوجيهها خالصة لله عز وجل، لا مطالبة هؤلاء النسوة بخلع الحجاب موافقة للمجتمع الفاسد (١) .

مثال ذلك: رجل هاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام، لا يقصد وجه

الله عز وجل، وإنما هاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، هل نكلفه بالبقاء فى دار الكفر، أم نأمره بتصحيح النية، ونذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الإعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " الحديث (٢) .

فأين يا عباد الله من يلبس الثوب ليباهي به الناس، ويختال عليهم، ويشار إليه فيهم بالبنان عِزُّا وتعظيمًا، ويخالف زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لباس الشهرة، أين هذا من نساء مسلمات عفيفات، يتجشمن المشاق


(١) بل من الواجب أيضًا دعوة المتبرجات إلى اتباع سبيل المؤمنات، وتغيير هذا العرف الفاسد حتى يعود موافقَا للشرع المطهر.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>