للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) يقول تعالى ذكره: إدناؤهن جلابيبهن إذا أدنينها عليهن أقرب وأحرى أن يعرفن ممن مررن به، ويعلموا أنهن لسن بإماء، فيتنكبوا عن أذاهنَّ بقول مكروه، أو تعرض بريبة (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) بهنَّ أن يعاقبهن بعد توبتهن بإدناء الجلابيب عليهن) اهـ (١) .

* قول الإمام أبي بكر أحمد بن علِى الرازي الجصاص الحنفي (ت ٣٧٠ هـ) :

قال رحمه الله تعالى:

(حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي خيثم، عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) خرج نساء من الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها.

قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن.

وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها لأن قوله تعالى: (وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) ظاهره أنه أراد الحرائر، وكذا روي في التفسير لئلا يكن مثل الإماء اللاتي هن غير مأمورات بستر الرأس (٢) والوجه، فجعل الستر فرقا يعرف به الحرائر من الإماء، وقد روي عن عمر أنه كان يضرب الإماء، ويقول: "اكشفن رؤوسكن، ولا تشبهن بالحرائر" اهـ (٣) .


(١) "جامع البيان عن تاويل آي القرآن" (٢٢/ ٤٥- ٤٧) .
(٢) رُوي من حديث عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فاختبأت مولاة لهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حاضت"؟، فقالوا: نعم، فشق لها من عمامته، فقال: "اختمري بهذا" رواه ابن ماجه وابن أبي شيبة.
(٣) "أحكام القرآن" (٣/٣٧١- ٣٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>