للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلَابِيبِهِنَّ) الآية:

دليل على أن الحجاب إنما أُمِر به الحرائر دون الإماء؟ لأنه خص أزواجه وبناته، ولم يقل: وما ملكت يمينك وإمائك وإماء أزواجك وبناتك؟ ثم قال (وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) والإماء لم يدخلن في نساء المؤمنين كما لم يدخل في قوله (نِسَائِهِنَّ) ما ملكت أيمانهن حتى عُطف عليه في آيتي النور والأحزاب (١) ، وهذا قد يقال إنما ينبني على قول من يخص ما ملكت اليمين بالإناث، وإلا فمن قال: هي فيهما أو في الذكور ففيه نظر. وأيضَا فقوله: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) وقوله: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ

نِسَائِهِمْ) [المجادلة: ٢] إنما أريد به الممهورات دون المملوكات، فكذلك هذا، فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن؛ فهذا مع ما في الصحيح من أنه لما اصطفى صفية بنت حيي، وقالوا إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، دل على أن الحجاب كان مختصُّا بالحرائر.

وفي الحديث دليل على أن أمومة المؤمنين لأزواجه دون سراريه، والقرآن ما يدل إلا على ذلك، لأنه قال: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) ، وقال: (وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا

أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا) ، وهذا أيضًا دليل ثالث من الآية؛ لأن الضمير في قوله: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ) عائد إلى أزواجه فليس للمملوكات ذكر في الخطاب،

لكن إباحة سراريه من بعده فيه نظر (٢) ٠ اهـ.


(١) وهما قوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى قوله تعالى: (أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) [النور: ٣١] ، وكذا قوله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ) إلى قوله عز وجل: (وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ)
(الأحزاب: ٥٥)
(٢) "مجموع الفتاوى" (١٥/٤٤٨ -٤٤٩) ، وفيما ذكره رد على استبعاد العلامة الألباني تخصيص قوله تعالى: (وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) بالحرائر دون الإماء، كما جاء
في "حجاب المرأة المسلمة" ص (٤٤-٤٧) ، مع تصحيحه لما ورد عن عمر رضي الله عنه
من التفريق كما يأتي إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>