للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المراد منه أن تعرض الفساق للإماء جائز (١) بل هو حرام، ولا شك أن المتعرضين لهن من الذين في قلوبهم مرض، وأنهم يدخلون في عموم قوله: (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) في قوله تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) إلى قوله: (وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) .

ومما يدل على أن المتعرض لما لا يحل من النساء من الذين في قلوبهم مرض، قوله تعالى: (َّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الآية، وذلك معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الأعشى:

حافظ للفرج راض بالتقى ... ليس ممن قلبه فيه مرض

وفي الجملة: فلا إشكال في أمر الحرائر بمخالفة زي الإماء ليهابهن الفساق، ودفع ضرر الفساق عن الإماء لازم، وله أسباب أخر ليس منها إدناء الجلابيب. اهـ (٢) .

* ونقل العلامة أبو الأعلى المودودي (ت ١٣٩٩ هـ) رحمه الله تعالى جملة من أقوال المفسرين في تفسير هذه الآية ثم قال رحمة الله عليه:

"ويتضح من هذه الأقوال جميعا أنه من لدن عصر الصحابة الميمون إلى القرن الثامن للهجرة، حمل جميع أهل العلم هذه الآية على مفهوم واحد، هو الذي قد فهمناه من كلماتها، وإذا راجعنا بعد ذلك الأحاديث النبوية والآثار، علمنا منها أيضا أن النساء قد شرعن يلبسن النقاب على العموم


(١) وقد شنع بعضهم بذلك، وزعم أن لازم هذا التفسير: أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين.
انظر: "المحلى" (٣/ ٢١٩) ، "الحجاب" للألباني ص (٤٤-٤٥) ، وهذا الاستنباط ليس بلازم أصلًا، لأن سياق الآيات يرده صراحة كما هو واضح أعلى والله أعلم.
(٢) "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" (٦/ ٦! هـ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>