للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد نزول هذه الآية على العهد النبوي، وكن لا يخرجن سافرات، فقد جاء في سنن أبي داود والترمذي والموطأ للإمام مالك وغيرها من كتب الأحاديث أن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أن "المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين"، و"نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب" وهذا صريح الدلالة على أن النساء في عهد النبوة قد تعودن الانتقاب ولبس القفازين عامة، فنهين عنه في الإحرام، ولم يكن المقصود بهذا الحكم أن تُعْرَضَ الوجوه في موسم الحج عرضا، بل كان المقصود في الحقيقة أن لا يكون القناع جزءا من هيئة الإحرام المتواضعة، كما يكون جزءًا من لباسهن عادة، فقد ورد في الأحاديث الأخرى تصريح بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعامة المسلمات كنَّ يخفين وجوههن عن الأجانب في حالة إحرامهن أيضا، ففي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذَوْا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" (١) ، وفي الموطأ للإمام مالك عن فاطمة بنت المنذر قالت: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، فلا تنكره علينا" (٢) .

وقد ورد في "فتح الباري" عن عائشة رضي الله عنها: "تسدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها" (٣) .

وكل من تأمل كلمات الآية وما فسرها به أهل التفسير في جميع الأزمان بالاتفاق، وما تعامل عليه الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لم ير في الأمر مجالا


(١) رواه أبو داود رقم (١٨٣٣) ، في الحج: باب في المحرمة تغطي وجهها (٢/١٦٧) .
(٢) الموطأ- باب تخمير المحرم وجهه، ص (٢١٧) ط. الشعب، بدون قولها: "فلا تنكره علينا".
(٣) انظر: "فتح الباري" - كتاب الحج، باب ما يلبس المحرم من الثياب (٣/ ٤٧٤) ط السلفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>