للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجحود بأن المرأة قد أمرها الشرع الإسلامي بستر وجهها عن الأجانب، ما زال العمل جاريا عليه منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم (١) . اهـ. وقال رحمه الله في "تفسير سورة الأحزاب":

والجلباب في اللغة العربية: الملحفة والملاءة واللباس الواسع، والإدناء يعني: التقريب واللف، فإن أضيف إليه حرف الجر "على" قُصد به الإِرخاء والإِسدال من فوق.

وبعض المترجمين والمفسرين في هذه الأيام غلبهم الذوق الغربي، فترجموا هذا اللفظ بمعنى الالتفاف؟ لكي يتلافوا حكم ستر الوجه، لكن الله لو أراد ما ذكره هؤلاء السادة لقال: "يدنين إليهن"، فإن من يعرف اللغة العربية لا يمكن أن يسلم بأن (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ) تعني: أن يتلففن أنفسهن فحسب، هذا بالإضافة إلى قوله: (جَلَابِيبِهِنَّ) يحول أكثر وأكثر دون استخراج هذا المعنى.

(ومِنْ) هنا للتبعيض يعني جزءَا أو بعضا من جلابيبهن، ولو التفت المرأة بالجلباب لالتفت به كله طبعًا لا ببعضه، أو بطرف منه، ومن ثم تعني الآية صراحة أن يتغطى النساء تمامًا، ويلففن أنفسهن بجلابيبهن ثم يسدلن عليهن من فوق بعضا منها أو طرفها، وهو ما يعرف عامة باسم النقاب. هذا ما قاله أكابر المفسرين في أقرب عهد بزمن الرسالة وصاحبها صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن جرير وابن المنذر أن محمد بن سيرين رحمهِ الله سأل عبيدة السلماني عن معنى هذه الآية،- وكان عبيدة قد أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت إليه، وجاء المدينة في عهد عمر رضي الله عنه، وعاش فيها، ويعتبر نظيرا للقاضي شريح في الفقه والقضاء - فكان جوابه أن أمسك بردائه وتغطى به، حتى لم يظهر من رأسه ووجهه إلا عين واحدة.


(١) "الحجاب" ص (٣٠٢ - ٣٠٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>