للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفوق هذا أن الله تبارك وتعالى لا يأمر النساء بإرخاء الجلباب وإخفاء الزينة فحسب، بل يأمرهن كذلك أن يسدلن على أنفسهن - يعني من أعلى - طرفًا من جلابيبهن، وأي إنسان عاقل لا يمكن أن يفهم من هذا القول شيئَا سوى أنه يقصد ضرب النقاب أو التنقب؛ حتى يختفي الوجه أيضا إلى جانب إخفاء زينة الجسم واللباس، ثم يذكر رب العالمين ذاته علة هذا الأمر فيقول: إن هذه أمثل طريقة لأن يعرف نساء المسلمين فلا يؤذين.

ويظهر من هذا تلقائيًّا أن هذا الأمر صادر إلى النسوة اللاتي لا يتلذذن بمعاكسة الرجال لهن، وحملقتهن في وجوههن وأجسامهن، ورغبتهم فيهن، بل يتألمن ويتأذين، واللاتي لا يردن جعل أنفسهن في عداد نجوم المجتمع الداعرات، بل يردن أن يعرفن بأنهن مصابيح البيوت العفيفات التقيات، هؤلاء الشريفات الطيبات يقول الله لهن: إن كنتن تردن أن تعرفن بهذه الصفة فعلًا، وإن كان اهتمام الرجال بكن، ورغبتهم فيكن لا يلذ لكن حقيقة، بل يؤذيكن، ويؤلمكن، فليس السبيل إلى ذلك أن تخرجن من بيوتكن متزينات كعروس ليلة زفافها، وتظهرن جمالكن وحسنكن براقًا

أخاذا كأحسن ما يكون أمام الأعين الطامعة الجائعة، بل إن أفضل سبيل لهذا الغرض أن تخرجن خافيات زينتكن كلها في جلباب مسدل غير مزين، وتضربن النقاب على وجوهكن، وتمشين بطريقة لا يلفت نظر الناس فيها إليكن شيء حتى ولا صوت حليكن.

إن المرأة التي تتزين وتتهيأ قبل خروجها، ولا تخرج قدمها من منزلها قبل أن تكون قد وضعت أصنافا وألوانا من المساحيق والخطوط بين أحمر وأزرق وأسود وأبيض، لا يمكن أن يكون غرضها من هذا سوى أنها تريد أن تلفت إليها نظر الرجال، وتدعوهم هي نفسها إلى الالتفات إليها، والاهتمام بها، والرغبة فيها، فإن قالت بعد ذلك إن النظرات الجائعة العطشى تؤذيها، وتضايقها، وإن ادعت أنها لا تريد أن تُعرف بأنها "سيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>