للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب نساء المؤمنين باللفظ الصريح، وهي تطالب المؤمنات إذا خرجن من بيوتهن لحاجة استدعت ذلك أن يغطين وجوههن، ويسترن محاسنهن.

أما التعليل في الآية فهو يشير إلى المجتمع الإسلامي في تلك الأيام،

وأنه كان مخلخلًا مهزوزًا؛ لوجود أغلبية فيه من المنافقين والمنافقات، والمشركين والمشركات، وحُكم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستقر بعد، والأمن لم يستتب، بدليل أن المنافقين كان منهم من يتعرض للجواري في الشوارع،

ويغازلهن لإيقاعهن في الريبة، فمن باب الوقاية العاجلة أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول آمرا أزواجه وبناته ونساء المؤمنين به إذا خرجت إحداهن لحاجتها أن تغطي رأسها ووجهها، لتُعرف أنها حرة، وليست جارية تخدم البيوت، فلا يتعرض لها أولئك المنافقون بالكلام المريب والمغازلة الفاتنة، والمقصود من الكلام أن هذه الآية مؤكدة لفرضية

الحجاب، ومقررة له.

ودعاة السفور يقولون إن هذه الآية لم تأمر بتغطية الوجه، وإنما أمرت بتغطية الرأس فقط، وهو فهم باطل؛ إذ الجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها، فكيف يقال لها: أدني الجلباب من رأسك تغطية (١) .

وإنما تدنيه عن رأسها لتغطي به وجهها، هذا هو المعقول والمفهوم من العرب، ثم مجرد تغطية الرأس لا تمنع من المغازلة المخوفة، وإنما يمنع منها تغطية الوجه بالمرة، أما كاشفة الوجه فإن النظر إليها ومنها يسَهلُ المكالمة، فالمغازلة، كما قال الشاعر الحكيم:

نظرة فابتسامة فسلام ... فكلام فموعد فلقاء". (٢)


= عز وجل: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) الآية إلى قوله تعالى: (وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) .
(١) كذا في الأصل، ولعله: (فكيف يقال لها: "أدنى الجلباب من رأسك" وهو يغطيه؟) يريد أنه يكون حينئذ تحصيل حاصل، والله أعلم.
(٢) "فصل الخطاب في المرأة والحجاب" (ص: ٣٨ - ٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>