للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَما ما قاله فضيلة الدكتور من أن عمر رضي الله عنه كان يضرب الإِماء على ستر الرأس فليس بصحيح، بل الصحيح أنه كاد يضربهن على ستر الوجه وهاك لفظ الرواية: قال أنس: مرت بعمر بن الخطاب جارية متنقبة، فعلاها بالدرة، وقال: يالكاع تتشبهين بالحرائر؟ ألقي القناع (١) .

والعجب من فضيلة الدكتور أنه كيف رضي أن يستدل به على جواز كشف الوجوه للحرائر؟!

السابع؟ أنا لو سلمنا - على سبيل التنزل - أن مجرد ستر الرأس يكفي لتمييز الحرة من الأمة، فلا شك أن ستر الوجه مع ستر الرأس أوْلى في إِعطاء هذا التمييز، وفي تأدية هذا الغرض، فسبب النزول على تقدير صحة

ما فهمه منه فضيلة الدكتور لا يقتضي نفي ستر الرأس ولا ينافي وجوبه.

الثامن أن سبب النزول ينص على أن الله تعالى دَرَأَ- بأمر إِدناء الجلباب-

مفسدة من المفاسد، وهي التعرض للنساء، ولكن هناك مفاسد أخرى أكبر منها، وذلك أن المرأة- ولو كانت فاجرة- إذا تعرض لها أحد في الطريق بالتغزل، أو بإلقاء الكلمات تثور الحمية والغيرة فيها، وتستشيط غضبًا، إلا التي ترامت في وقاحتها وفجورها إلى النهاية، قلما يظفر الرجل بجدوى في

مطلوبه بمثل هذا التعرض، ولا يجتني من عمله هذا إلا شوك الذل

والهوان

ولكن إذا خرجت المرأة سافرة الوجه فلا غرو أن يلتقي نظرها بنظر أحد من الرجال، ومعروف أن التقاء النظرين يحدث انجذابا في القلبين قلما يصبر أحدهما عن الآخر، ويقع كل واحد منهما فريسة لصاحبه

بسهولة تامة، ولذلك ورد "أن النظر سهم من سهام إبليس مسموم " (٢) . وقال الشاعر:


= ص (١٧) ، و"المحلى" (٣/ ٢٨١) .
(١) "فتح البيان" للنواب صديق حسن خان (٧/٣١٦)
(٢) انظر: "تفسير ابن كثير" (٥/٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>