للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالرواية التي فيها، الصراحة ببيان الزي هى ما رواه أبن سعد عن محمد ابن كعب القرظى قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المسلمين يؤذيهن، فإذا قيل له، قال: "كنت أحسبها أمة"، فأمرهن الله أن يخالفن لفي الإماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، يقول: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) ، يقول ذلك أحرى أن يعرفن (١) ويقرب منها الرواية التي رواها ابن جرير، ونقلها فضيلة الدكتور الهلالي فإن فيها تفسير (يُدْنِينَ) بكلمة: يتقنعن، والتقنع يطلق على تغطية الوجه، ومنه مقنع الكندي، سمى مقنعا لأنه كان لا يخرج إلا وعلى وعلى وجهه ستر (٢) .

ومنه ما قال أحمد بن أبي يعقوب في "تاريخه": وكانت العرب تحضر سوق عكاظ وعلى وجهها البراقع، فيفال: إن أول عربى كشف قناعه ظريف ابن غنم العنبري (٣) .

ومنه المثل السائر: ألقى عن وجهه قناع الحياء.

فالروايات التي تبين سبب النزول تصرح أيضًا بان الفرق بين الحرة والأمة إنما كان بستر الوجه وكشفه.

وأما استدلالاهم بما تقرر في كتب الفقه من أن الأمة لا تستر رأسها

فليس بناهض:

أما أولا: فلأن الله تعالى إنما رد المسلمين إلى التقاليد التي كانت متقررة

في مجتمع العرب، ولم يردهم إلى ما تقرر في هذا الشرع، فإن ما تقرر فيه،

لم يتقرر إلا بعد نزول هذه الآية.

وأما ثانيا: فلأن كشف الرأس للإِماء ليس بمتفق عليه (٤) .


(١) "طبقات ابن سعد" (٨/١٧٦، ١٧٧) .
(٢) انظر: "الأغاني" ترجمه مقنع (١٧/٦٠) .
(٣) "تاريخ اليعقوبي" ط. أوربة (٢/ ٣١٥) .
(٤) "تفسير ابن كثير" (٥/٥١٦) ، و"تفسير سورة النور" لابن تيمية =

<<  <  ج: ص:  >  >>