للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير أن يشمل الوجه والكفين لكان كلامه تعالى عبثا في حق أمهات المؤمنين إذ من العجائب أن يؤمر أولًا بالتستر الكامل حتى الوجه والكفين، ثم يؤمر بتغطية الرأس فقط، مع بقاء الآية الأولى محكمة غير منسوخة.

وياليت شعري أي حاجة مست إلى الأمر بستر الرأس بعد الأمر بستر جميع الأعضاء؟!

الخامس: أن أساليب الرواة وإن اختلفت في بيان سبب نزول هذه

الآية، لكنهم متفقون على أن من أهداف هذا الأمر تمييز الحرائر من الأِماء

بالزي.

فعلينا أن نرجع في معرفة ذلك إلى تقاليد العرب في ذلك الزمان وقبله، ويبدو من إشعار الشعراء الجاهليين أن الحرائر والشريفات كن محتجبات الوجوه في الجاهلية أيضا، وحجاب الوجوه – وإن يكن عامًّا - لكنه كان هو الزي الفارق بين الحرة والأمة.

ثم ساق فضيلته شواهد شعرية لتأييد أن ستر الوجوه وكشفها كان هو الفارق بين الحرة والأمة في زمن الجاهلية (١) ، إلى أن قال حفظه الله: وبعد معرفة هذا القدر من تقاليد نساء الجاهلية يسهل علينا فهم معنى الآية، وأن الله تعالى أمر المؤمنات بالتزام الزي الذي كان قد تقرر عندهم أنه زي الحرة، وليس بزي الأمة، ومعلوم أن ذلك الزي كان هو ستر الوجه بالجلباب.

السادس: أن الروايات التي وردت في بيان سبب نزول هذه الآية إما ساكتة عن بيان الزي الذي يفرق بين الحرة والأمة، وإما صريحة جازمة فيه


(١) وقد تقدم ذكر جملة صالحة منها في فصل تاريخ الحجاب في الجاهلية، فراجع ص (٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>