للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عقب القرطبي رحمه الله قائلاً:

"قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة، وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما (١) ، يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها وساق حديث أسماء (٢) مستدلا به، إلى أن قال رحمه الله: وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزًا أو مُقَبَّحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها" (٣) اهـ.

* وقال البيضاوي رحمه الله تعالى في تفسيره:

(وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها

لمن لا يحل أن تبدي له (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجَا.

وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف (٤) ، أو ما يعم المحاسن


(١) "الجامع لأحكام ألقرآن" (١٢/ ٢٢٩) .
(٢) وقد تعقب الألباني هذا الاستدلال من القرطبي بقوله: (قلت: وفي هذا التعقيب نظر أيضا، لأنه وإنا كان الغالب على الوجه والكفين ظهورهما بحكم الواقع، فإنما ذلك بقصد من المكلف، والآية حسب فهمنا إنما أفادت استثناء ما ظهر دون قصد، فكيف يسوغ حينئذ جعله دليلًا شاملا لما ظهر بالقصد؟ فتأمل) اهـ من
"حجاب المرأة المسلمة" (ص: ٢٤) .
(٣) انظر الجواب عنه (ص: ٣٣٦) .
(٤) ونظيره قوله تعالى: (فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) والمراد بها الجنة، لأنها مكان الرحمة، وكذلك: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) والمراد مواضع الصلاة، قال الزمخشري: (وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر فإنه ما نهى عن الزينة إلا لملابستها تلك المواقع فكان إبداء المواقع نفسها متمكنا في الحظر ثابت القدم في الحرمة) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>