للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر منها وإنما قال النص: (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) فأشار إلى حصول ذلك عفوًا، ودون قصد حيث أسند الظهور إلى الشيء، لا إلى فاعله" (١) .

وقال أيضًا: ولا نرتاب في أن بعض السلف الذين فسروا: (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) بالوجه والكفين يشترطون مع ذلك أمن الفتنة، وإلا فهل يجيز واحد منهم لامرأة كشف وجهها - في مثل هذا الزمان أمام الرجال، وفيهم الفسقة لصوص الأعراض الذين يتشببون بمحاسن النساء، ويذرعون الطرقات بحثَا عنهن، والفتنة في هذا غالبة، إن لم نقل متحققة" (٢) اهـ.

* وقال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله تعالى:

قوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) الآية،

إن دلالة هذه الآية على الحجاب قوية إذ تضمنت الأمر بغض، البصر وحفظ الفرج، فحفظ الفرج لا يتم إلا بغض البصر، وغض البصر لا يتم إلا بالحجاب التام، وتقدم لنا في هذا الباب أن غض البصر يتأتى لأحد الجنسين وكلاهما مأمور به إذا لم يكن هنا اختلاط، أو مع الاختلاط فلا يتأتى، وليس في إمكان أي مؤمن أو مؤمنة أن يطيع ربه في هذا الأمر بحال.

ومن هنا كان مدلول كلمة الحجاب ليس هو أن تغطي المرأة محاسنها فحسب، بل مدلوله الحق هو أن يكون هناك حاجب وحاجز يحول دون اختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء، وعندئذ يمكن غض البصر وحفظ الفرج، ولما كان خروج المرأة ضروريا لما يطرأ لها من أمور تستدعي


(١) "حجاب المرأة في الأسلام" ص: ٢٠) - طبعة مجلس إشاعهَ العلوم بالجامعة النظامية - حيدر آباد - الهند.
(٢) "السابق" (ص: ٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>