* قال شيخ المفسرين أبو جعفر بن جرير الطبري - رحمه الله تعالى -:
يقول تعالى ذكره: واللواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من النساء،
فلا يحضن، ولا يلدن، واحدتهن قاعد (اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا) يقول:
اللاتي قد يئسن من البعولة فلا يطمعن في الأزواج (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) يقول: فليس عليهن حرج، ولا إثم أن يضعن ثيابهن، يعني جلابيبهن، وهي القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب، لا حرج عليهن أن يضعن ذلك عند المحارم من
الرجال، وغير المحارم من الغرباء، غير متبرجات بزينة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله:(وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا)
وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها
الجلباب، ما لم تتبرج لما يكره الله، وهو قوله:(فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) .
ثم قال:(وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) حُدّثتُ عن الحسين، قال: سمعت
أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) : يعني الجلباب، وهو القناع، وهذا للكبيرة التي قعدت عن الولد، فلا يضرها أن لا تتجلبب فوق الخمار، وأما كل امرأة مسلمة حُرَّة، فعليها إذا بلغت المحيض أن تدني الجلباب على الخمار، وقال الله في سورة الأحزاب:(نَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) اهـ.