للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم روى بإسناده عن مجاهد قال: (ثِيَابَهُنَّ) : جلابيبهن، وقال ابن زيد: وضع الخمار، وقال ابن مسعود: الجلباب أو الرداء أو الملحفة، إلى أن قال رحمه الله: وقوله: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) يقول: وإن تعففن عن وضع جلابيبهن وأرديتهن، فيلبسنها خير لهن من أن يضعنها، وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل ثم ذكر بسنده عن مجاهد قال: أن

يلبسن الجلابيب، وعن الشعبي قال: ترك ذلك، يعني ترك وضع الثياب" (١) اهـ.

* وقال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله تعالى:

وقوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا) الآية قال

ابن مسعود ومجاهد: والقواعد اللاتي لا يرجون نكاحا هي اللاتي لا يردنه، وثيابهن: جلابيبهن، وقال إبراهيم وابن جبير: الرداء، وقال الحسن: الجلباب والمنطق، وعن جابر بن زيد: يضعن الخمار والرداء.

قال أبو بكر: لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة، وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها، فغير جائز أن يكون المراد وضع الخمار بحضرة الأجنبي.

فإن قيل: إنما أباح الله تعالى لها بهذه الآية أن تضع خمارها في الخلوة بحيث لا يراها أحد، قيل له: فإذا لا معنى لتخصيص القواعد بذلك إذ كان للشابة أن تفعل ذلك في خلوة، وفي ذلك دليل على أنه إنما أباح للعجوز وضع ردائها بين يدي الرجال بعد أن تكون مغطاة الرأس، وأباح لها بذلك كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهي، وقال تعالى: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) فأباح لها وضع الجلباب، وأخبر أن الاستعفاف

بأن لا تضع ثيابها أيضًا بين يدي الرجال خير لها" (٢) اهـ.


(١) "جامع البيان" (١٨/ ١٦٥- ١٦٧) .
(٢) "أحكام القرآن" (٣/ ٣٣٣- ٣٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>