للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجن إليه، والاستعفاف من الوضع خير لهن، لما ذكر الجائز عقبه بالمستحب بعثَا منه على اختيار أفضل الأعمال وأحسنها كقوله: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (١) اهـ.

* وقال الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الإسكندري المالكي رحمه الله تعَالى:

قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ) الآية: قرر الزمخشري هذه الآية على ظاهرها، ويظهر لي - والله أعلم - أن قوله تعالى: (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ)

من باب "على لاحب لا يهتدى بمناره" (٢) أي: لا منار فيه فيهتدى به، وكذلك المراد هنا: والقواعد من النساء اللاتي لا زينة لهن فيتبرجن بها لأن

الكلام فيمن هي بهذه المثابة، وكأن الغرض من ذلك أن هؤلاء استعفافهن عن وضع الثياب خير لهن فما ظنك بذوات الزينة من الثياب؟.


(١) "الكشاف" (٣/٧٦) .
(٢) قال الإمام جمال الدين محمد بن نباته المصري:
على لاحب لايهتدى بمناره ... إذا سافه العود النباطي جرجرا
يصف قفرا، لا أعلام فيه، وقوله "لا يُهتدى بمناره" يعني ليس فيه منار يهتدى
به، لا أن فيه منارا إلا أنه لا يهدي، والعود: الجمل البالغ تمام سنة، وسافه:
إذا شمه، وجرجرا: إذا حن، وعادة الإبل أن تشم الأرض التي لا تعرفها،
فتحن لعلمها ببعد المسافة اهـ. من "سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون" ص: ١٨٦.
ونظيره قول عبيد بن وهب العبسي، وقيل: زهير:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها ... عليَّ ومعروفي بها غير منكر
أي لا يسد بابها علي، يعني: ليست فيها أبواب حتى تسد، على حد قول الآخر:
ولا ترى الضب بها ينجحر. اهـ من "أضواء البيان" (٤/٤٢) .
ومثله في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) كأنهم قالوا:
ولا تأويل للأحلام الباطلة، فنكون به عالمين. اهـ من "محاسن التأويل" للقاسمي (٩/ ٣٥٤٦ - ٣٥٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>