للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دعواه.

(وصناعة التأويل في الكلام والتلاعب بالألفاظ ليست عسيرة، أتقنها بنو إسرائيل من قبل لنيل عَرَض من الدنيا قليل، ويتقنها كثير من المحامين اليوم لجمع مزيد من البضاعة نفسها، كما يتقنها كثير من المشتغلين

ببضاعة العلم الشرعي ليتجملوا بذلك أمام من يملكون – في الظاهر - رعايتهم ودفعهم في سلم المناصب الدنيوية الفانية) (١) .

يقول الإمام الشاطبي في "الموافقاتَ" بعد أن أستَعرض صورا ونماذج من حيل المبطلين في التلاعب بنصوص، الأدلة، والتحايل على قواعد الأحكام:

"ولذلك لا تجد فرقة من الفرق الضالة، ولا أحدًا من المختلفين في الأحكام يعجز عن الاستدلال على مذهب بظواهر من الأدلة وقد مَرَّ من

ذلك أمثلة بل قد شاهدنا ورأينا من الفساق من يستدل على مسائل

الفسق بأدلة ينسبها إلى الشريعة المنزهة. . . " (٢) اهـ.

ولكن ليس معنى هذا أن الطالب لمعرفة الحق يضيع بين تلبيس المخادعين ونصيحة العلماء الصادقين، فإن الصادق في طلب الحق لا يعدم أن يجد دلائل الحق في محكمات النصوص الواضحة النيرة، فإن تاه

عن معرفة هذه النصوص لم يعدم أن يجد دلائله فيما اجتمع عليه السلف الصالح خلال القرون الماضية.

يقول الإمام الشاطبي – رحمه الله – معلقا على الفقرة السابقة:

"فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه

الأولون، وما كانوا عليه من العمل فهو أحرى بالصواب، وأقوم في


(١) "إلى كل فتاة تؤمن بالله" ص (٥٥ – ٥٦) .
(٢) "الموافقات" (٣/٧٦ - ٧٧) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>