للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك نقول: إن مع الناقل زيادةَ علم، وهو إثبات تغيير الحكم الأصلي، والمثبِت مقدم على النافي، وهذا الوجه إجمالي ثابت حتى على تقدير تكافؤ الأدلة ثبوتَا ودلالة (١) .

* فوائد:

الأولى: أكثر أهل الأصول يرجحون الخبر الناقل عن الأصل، على الخبر المبقي على البراءة الأصلية، وإليه الإشارة بقول صاحب "مراقي السعود" في مبحث الترجيح باعتبار المدلول:

وناقل ومثبت والآمر ... بعد النواهي ثم هذا الآخر

على أباحة. . . إلخ

لأن معنى قوله: (وناقل) أن الخبر الناقل عن البراءة الأصلية مقدم على


(١) رسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين (ص ٢٨) .
ويحسن أن ندعم هذا الكلام بقول محدث الشام رحمه الله في معرض الرد على من استدل بقول جابر بن عبد الله عن النساء في صلاة العيد: (فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن) على إباحة الذهب المحلق للنساء، فقال حفظه الله في أثناء الرد: [لو فرضنا أنه جاء في حديث أو أحاديث
التصريح بذلك - أي إباحة المحلق - فينبغي أن يحمل ذلك على الأصل الأول، وهو الإباحة، ثم طرأ عليها ما أخرجها من هذا الأصل إلى التحريم بدليل أحاديث التحريم، فإن مثل هذه الأحاديث لا تصدر من الشارع في الغالب إلا لرفع ذلك الأصل وهو الإباحة في الأمور التي نص على تحريمها، ولذلك يقول علماء "أصول الفقه": (إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر) ، وفي هذه الحالة
لا يلزمنا أن نثبت تأخر النص المحرم على النص المبيح، لأن النص المحرم يتضمن
في الواقع الإشارة إلى رفع ما تضمنه النص المبيح كما هو ظاهر] اهـ. من
"حجاب المرأة المسلمة" هامش ص (٢٧) .
وهو كما ترى يحمل في طياته الرد على من قال: "أين دليل التراخي الزمني بين الحاظر والمبيح الذي هو أحد شروط النسخ؟ "، وانظر أيضَا: "إرواء الغليل" (١/١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>