للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفعاء الخدين المذكورة، ويحتمل أن جابرا ذكر سُفْعَةَ خديها ليشير إلى أنها ليست ممن شأنها الافتتان بها (١) ، لأن سُفْعة الخدين قبح في النساء، قال النووي: "سفعاء الخدين: أي فيهما تغير وسواد"، وقال الجوهري في "صحاحه": والسُّفْعَة في الوجه سواد في خدي المرأة الشاحبة، ويقال للحمامة سفعاء، لما في عنقها من السُّفْعة، قال حميد بن ثور:

من الورق سفعاء العلاطين باكرت ... فروع أشاء مطلع الشمس أسحما

قال مقيده عفا الله عنه، وغفر له:

السُّفْعَةَ في الخدين من المعاني المشهورة في كلام العرب أنها سوادٌ وتغير فى الوجه من مرض أو مصيبة أو سفر شديد، ومن ذلك قول متمم بن نُويرة التميمي يبكي أخاه مالكا:

تقول ابنةُ العمري مالَكَ بعد ما ... أراك خضيبا ناعم البال أروعا

فقلت لها طولُ الأسى إذ سألتِني ... ولَوْعَةُ وَجْد تترك الخدَّ أسفعا

ومعلوم أن من السُّفْعَة ما هو طبيعي كما في الصقور، فقد يكون في خَدَّيِ الصقر سواد طبيعي، ومنه قول زهير بن أبي سَلْمى:

أهوى لها أسفعُ الخدين مطرق ... ريش القوادم لم تنصب له الشبك

والمقصود أن السفعة في الخدين إشارة إلى قبح الوجه، وبعض أهل العلم يقول: إن قبيحة الوجه التي لا يرغب فيها الرجال لقبحها، لها حكم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا" (٢) اهـ.


(١) وقيل إنه لم يرها، ولكنه تكلم عنها بوصفها السائد الذي لا يتوقف على رؤيتها كما مر ذلك قريبا، يؤيد ذلك أنه من المعاني الشهيرة في كلام العرب بصفته تغيرَا وسوادًا في الوجه من مرض أو مصيبة.
(٢) "أضواء البيان" (٦/٥٩٧ – ٥٩٩) ، ومما يؤيده أن الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى أشار إلى استثناء القواعد، من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا من قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) الآية، فحكى رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (فنسخ، واستثنى من ذلك (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>