للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهها: أن لا يكون ذلك في حالة تثير الفتنة بأن تكون مزينة أو بارزة الجمال، وأن لا تظهر أمام فساق يغلب على الظن أنهم لا يغضون من أبصارهم، كما أمر الله تعالى، بل ينقادون لدوافع أهوائهم وشهواتهم، فإن فُقِدَ أحد الشرطين كان عليها أن تستر وجهها درءًا للفتنة بالنسبة للحالة الأولى، وإزالة للمنكر الذي تسببت به في الحالة الثانية، وإنما يكون إزالة المنكر في مثل هذه الحال بأن تمنع الفساق من النظر إليها، أو بأن لا تخرج من بيتها إلى هؤلاء الناس، أو بأن تحجب وجهها عنهم، وهو أيسر الأسباب الثلاثة

إذًا إذا تغير حال الناس، وعم الفسق وطم، بحيث تعلم المرأة أن حولها مَن قد ينظر إليها النظر المحرم الذي نهى الله تعالى عنه، باْن يتْبعَ النظرةَ النظرةَ، ولا تستطيع أن تزيل هذا المنكر إلا بحجب وجهها عنه، وعلى هذه الحالة يحمل ما نَقله الخطيب الشربيني عن إمام الحرمين من اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه (١) .

وقد صرح بهذا القيد القرطبي فيما نقله عن ابن خويز منداد من أئمة المالكية: "أن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك" (٢) ، وكذا في "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزي.

وقال صاحب "الدر المختار" من الحنفية: "وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال، لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة، ولا يجوز النظر إليه بشهوة (٣) ، وكذا في "الهدية العلائية".

* قال الشيخ أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله في كتابه "الفتن": "قول الأئمة: "عند خوف الفتنة" إنما يعلم في ناظر خاص، وأما بالنظر


(١) "مغني المحتاج" (٣/ ١٢٩) .
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٢٢٨)
(٣) "الدر المختار" على هامش ابن عابدين (١/٢٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>