للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأي حكم شرعي حتى لو كان أصحابها من الصحابة (١) رضوان الله عليهم أو التابعين من بعدهم، فكيف بمن دونهم؟

بل المقطوع به عند المسلمين جميعًا أن تصرفاتهم هي التي توزن - صحة وبطلانًا - بميزان الحكم الإسلامي، وليس الحكم الإسلامي هو الذي يوزن بتصرفاتهم، ووقائع أحوالهم، وصدق القائل: "لا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله".

الثالث: ولو كان لتصرفات آحاد الصحابة أو التابعين مثلًا قوةُ الدليل الشرعي دون حاجة إلى الاعتماد على دليل آخر، لبطل أن يكونوا معرضين للخطأ والعصيان، ولوجب أن يكونوا معصومين مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا لأحد إلا للأنبياء عليهم وعلى خاتمهم الصلاة والسلام، أما من عداهم فحق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء" (٢) ،

وإلا فما بالنا لا نقول – مثلًا - بحل شرب الخمر، وقد وجِد فيمن سلف في القرون الخيرية من شربها؟

الرابع: وما بال هؤلاء الدعاة إلى السفور قد عمدوا إلى كتب التاريخ والتراجم فجمعوا أسماء مثل هؤلاء النسوة من شتى الطبقات والعصور، وقد علموا أنه كان إلى جانب كل واحدة منهن سواد عظيم، وجمع غفير، من النساء المتحجبات الساترات لزينتهن عن الأجانب من الرجال؟ فلماذا لم يعتبر بهذه الجمهرة العظيمة، ولم يجعلها حجة بدلًا من حال أولئك القلة الشاذة المستثناة؟

أما علموا أن "الاستثناء" يؤيد القاعدة، ولا ينقضها؟ وأن ندرة هذه


(١) هناك فرق بين "قول الصحابي" وبين "واقعة حال له" فتنبه.
(٢) صدر حديث رواه الترمذي رقم (٢٥٠١) في صفة القيامة، باب المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه، وأخرجه ابن ماجة رقم (٤٢٥١) في الزهد، باب ذكر التوبة، والدرامي (٢/٣٠٣) في الرقاق، باب في التوبة، والإمام أحمد (٣/١٩٨) ، كلهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وتتمته: "وخير الخطائين التوابون".

<<  <  ج: ص:  >  >>