للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراشدين المهديين". . . الحديث، فالسنة تجمع المتفرقين، وتُوحّدُ المختلفين.

ولقد جعل الله عز وجل الإجماع حجة معصومة من الضلال، فلا يصح أن نجعل ما يضاده وهو الاختلاف حجة أيضًا، بل علينا أن نردد مع ابن مسعود رضي الله عنه قوله "الخلاف شر".

وما أحسن قول حافظ المغرب الإمام أبي عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى:

"الاختلاف ليس بحجةِ عند أحدٍ علمتُه من فقهاء الأمة إلا مَنْ لا بصر له، ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله" (١) اهـ.

وشتان بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر، وبين الأجر الواحد مع العذر، وبين من يتتبع الزلات، ويتحكم بالتشهي، ويرجح بالهوى، فيئول حاله إلى البطالة، ورقة الدين، ونقص العبودية.

ومع أن دائرة الخلاف في القضية التي نحن بصددها قد ضاقت جدًّا في زماننا كما سيتبين لك عما قليل إن شاء الله تعالى، إلا أنه لزم التحذير من "بدعة التعبد بالخلاف مطلقا" لشيوع استدلال "أنصار البدعة" بها في قضايا أشد خطورة مما نحن بصدده، والله المستعان.

* أولا: المذهب الحنفي:

الأصل في المذهب الحنفي أنه يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها (٢) عند


(١) "جامع بيان العلم وفضله" (٢/١٠٩) .
(٢) بل جاء في متون المذهب (وبدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها) انظر: "اللباب في شرح الكتاب" (١/٦٢) "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي (١/٩٦) ، واعلم أن القدمين عورة داخل الصلاة وخارجها =

<<  <  ج: ص:  >  >>