وأمن الفتنة، فيحرم مطلقا، وعلى المرأة ستر وجهها وكفيها من رؤوس الأصابع إلى المعصم ظهرَا وبطنَا.
الحالة الثالثة: أن تنتفي الفتنة، وتؤمن الشهوة؛ ففي هذه الحالة قولان: الأول: لا يجوز، ولو من غير مشتهاة، أو خوف فتنة على الصحيح،
وهو قول النووي رحمه الله في "المنهاج"، والإصطخري، وأبي علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والروياني، وغيرهم، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، وبأن النظر محرك للشهوة، ومظنة للفتنة، وقد قال تعالى:(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) ، واللائق بمحاسن الشريعة سد باب الذرائع إلى المحرم، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، أي بشهوة أو بغير شهوة، كما قالوه في الخلوة مع الأجنبية (١) .
* قال العلامة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى:
"إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر، لا
في الصلاة" اهـ.
الثاني: لا يحرم عند أمن الفتنة وعدم الشهوة، لقوله تعالى:(وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) وهو مفسَّر بالوجه والكفين، ونسبه
الإمام للجمهور، والشيخان النووي، والرافعي للأكثرين.
قال في "المهمات":
"إنه الصواب لكون الأكثرين عليه، وهو قول الرافعى".
* قال البلقيني:
"الترجيح بقوة المدرك والدليل فإن نظرت لقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
(١) قال العلامة شمس الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير في "نهاية المجتاج إلى شرح المنهاج" معلقا: (وبه اندفع القول بأنه غير عورة) اهـ. (٦/١٨٧)