للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجها شر حداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن شر الغرف وهو (الحِفْش) (٩٤) ، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماءً، ولا تقلم ظفرًا، ولا تزيل شعرًا، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى العام خرجت بأقبح منظر، وأنتن رائحة، فتنتظر مرور كلب لترمي عليه بعرة احتقارًا لهذه المدة التي قفتها، وتعظيمًا لحق زوجها عليها.

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: " يا رسول الله إن ابنتى توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحُلها؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: "لا"، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" فقالت زينب: (كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حِفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا حتى تمر عليها سنة، ثم تؤتى بدابة حمارٍ أو طير أو شاةٍ فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات (٥٩) ، ثم تخرج فتُعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره) (٩٦) .

وكان من عوائد النساء في الجاهلية بدعة " الإسعاد"، ومعناه إِعانة


(٩٤) الحفش: البيت الصغير المظلم داخل البيت.
(٩٥) قال ابن قتيبة: (سألت الحجازيين عن الافتضاض، فذكروا أن المعتدة كانت لاتمس ماء، ولا تقلم ظفزا، ولا تزيل شعرًا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تفتض بطائر أي تمسح قُبُلَهَا به، فلا يكاد يعيش ما تفتض به) والمراد أنه يموت من نتنها- وانظر " فتح الباري" (٩/٤٨٤ - ٤٩٠) ، و "روائع البيان" للصابوني (١/٣٦٥ -٣٦٧) .
(٩٦) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/٥٩٦ -٥٩٨) في الطلاق: باب ما جاء في الإحداد، والبخاري (٤٢٧/٩) في الطلاق: باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا، ومسلم رقم (١٤٨٦: ١٤٨٩) في الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>