للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها حفرة، فيتداولنها بينهن، فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها، وسوَّين عليها التراب) (١٠٥) .

وكانوا في بعض الأحيان يئدون البنات بقسوة نادرة، فقد يتأخر وأد الموءودة (١٠٦) لسفر الوالد وشُغله، فلا يئدها إلا وقد كبرت، وصارت تعقل، وقد كان بعضهم يلقى الأنثى من شاهق (١٠٧) ، وقد حَكَوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات:

منها: ما رُوِىَ أن عمر رضي الله عنه قال: " أمران في الجاهلية، أحدهما يبكيني، والآخر يضحكني؛ أما الذي يبكيني: فقد ذهبت بابنة لي لوأدها، فكنت أحفر لها الحفرة، وتنفض التراب عن لحيتي، وهى لا تدرى ماذا أريد لها، فإذا تذكرتُ ذلك بكيت، والأخرى: كنت أصنع إلهَا من التمر، وأضعه عند رأسي يحرسني ليلًا، فإذا أصبحت معافى أكلته، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي" (١٠٨) .

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، وسئل عن هذه الآية: (وإذا الموءُودةُ سُئلت بأي ذنب قتلت) (١٠٩) ، فقال: (جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني وأدت ثماني بنات لي في الجاهلية" (١١٠) ، فقال: "أعتق عن كل


(١٠٥) "الدر المنثور، للسيوطي (٨/٤٨) .
(١٠٦) الموءودة: هي البنت التي تدفن حية، من الوأد وهو الثقل، كأنها سُميت بذلك لأنها تئقل بالتراب حتى تموت.
(١٠٧) "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ " ص (٦٨-٧٠) والشاهق: المرتفع من الجبال والأبنية وغيرها.
(١٠٨) "تتمة أضواء البيان" (٩/٦٣) .
(١٠٩) التكوير (٨، ٩) .
(١١٠) في " بلوغ الأرب" (٣/٤٢ -٤٣) أنه اعترف بوأد بضعة عشر بنتا من بناته في

<<  <  ج: ص:  >  >>