للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض الشعراء في هذا المعنى نفسه:

جُعِلْتُ فِداكَ من النائبات ... ومُتعْتَ ما عِشْتَ في الطيبات

سُرورانِ ما لَهُما ثالث ... حياةُ البنين وموتُ البنات

وأصدقُ منْ ذَينِ قولُ الحكيـ ... ـم دَفْنُ البناتِ مِنَ المَكْرُمات (١٢٠)

ومن مأثور قولهم لمن "رُزِئ" بأنثى - على حد تعبيرهم -:

(آمنكم الله عارها، وكفاكم مؤنتهَا، وصاهرتم (١٢١) القبر) ، وهم يزعمون أن موجب رغبتهم في موتهن، وشدة كراهيتهم لولادتهن: الخوف من العار، وتزوج غير الأكفاء، وأن تهان بناتهم بعد موتهم، كما قال الشاعر في ابنة له تسمى " مودة":

"مودة تهوى عمر شيخ يسره ... لها الموت قبل الليل لو أنها تدرى

يخاف عليها جفوة الناس بعده ... ولا ختن يرجى أود من القبر (١٢٢) ]

وقال إسحاق بن خلف البهراني في نفس المعنى:

لولا أمَيْمةُ لم أجزع من العدمِ ... ولم أجُب في الليالي جِنْدِس (١٢٣) الظلَمِ

وزادني رغبة في العيش معرفتي ... ذُلَّ اليتيمةِ يجفوها ذوو الرَّحِم

تهوى بقائي وأهوى موتها شفقا ... والموتُ أكرم نزَّالٍ على الحُرَم

أحاذر الفقر يومَا أن يُلِمَّ بها ... فيكشف الستر عن لَحم على وَضَمِ (١٢٤)

إذا تذكرتُ بنتي حين تندبني ... فاضت لرحمةِ بنتي عَبرتي بِدَمِ


(١٢٠) "مرآة النساء" ص (٦٠) .
(١٢١) "تراجم سيدات بيت النبوة، ص (٤٣٤) .
(١٢٢) انظر: " أضواء البيان، للشنقيطي (٣/٢٦١-٢٦٢) .
(١٢٣) شدة الظلام.
(١٢٤) الوضم: الخوان يوضع عليه اللحم ليشوى، و "لحم على وضم" مثل يضرب لكل ذليل لا يعتصم من مكروه، وانظر: " القسم الثالث" ص (٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>