منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) .
(ج) وبين أن تأخذ نصف ما يأخذه الذكر، وهذا هو الأعم الأغلب (٣٠٨) ، كما إذا مات رجل، وترك ابنًا وبنتًا مثلًا، فللذكر مثل حَظَّيْ أخته الأنثى، قال الله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء (١١) ، وقال عز وجل:(وإن كانوا إخوة رجالا ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم) النساء (١٧٦) .
والله سبحانه وتعالى صرح في هذه الآية الكريمة أنه يبين لخلقه هذا البيان الذي من جملته تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث لئلا يضلوا، فمن سوى بينهما فيه فهو ضال قطعًا، ثم بين أنه سبحانه أعلم بالحكم والمصالح وبكل شيء من خلقه بقوله تعالى:(والله بكل شيء عليم) والحكمة في هذا التفضيل ظاهرة إذ إن الأمر يتعلق بالعدالة في توزيع الأعباء والواجبات على قاعدة " الغُرم بالغُنْم".
والحكمة البالغة تقتضي أن يكون الضعيف الناقص مقومًا عليه من قِبَلِ القوى الكامل، واقتضى ذلك أيضًا أن يكون الرجل مُلْزَمًا بالإنفاق على نسائه، والقيام بجميع لوازمهن في الحياة، كما قال تعالى:(وبما أنفقوا من أموالهم) ، ومال الميراث لم يتسبب فيه أحدهما ألبتة، وما سعيا في تحصيله عرفًا، وإنما هو تمليك من الله مَلَكَهُما إياه تمليكًا جبريا، فاقتضت حكمة الحكيم الخبير أن يؤثر الرجل على المرأة في الميراث، وإن أدليا بسبب واحد،
(٣٠٨) تأمل رحمك الله الربط بين الشرائع وبين الواقع في هذا الحكم، فإنه لما كان الرجل قواما على المرأة مكلفا بالإنفاق على أسرته، جاء هذا التشريع مظهرًا من المظاهر التشريعية لتطبيق هذا الأصل، وهو تكليف الرجل بالإنفاق على أسرته.