للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أم سليم الإسلام) (٤٣٣) اهـ.

وقالت امرأة من نساء اليمامة تدعى (أم أثال) - وكانت كأحسن النساء وجها-، فلما مات زوجها، تدافع الخُطَابُ على بابها، فردَّت كل خاطب، وفاءً لابنها أثال:

لعمر أثال لا أفدي بعيشه ... وإن كان في بعض المعاش جفاءُ

إذا استجمعت أم الفتى غَص طَرفَه ... وشاعَرَهُ دون الدِّثار بلاءُ (٤٣٤)

ذلك بعض حديث المرأة المسلمة في الوفاء لخير ما وُكلَتْ به، وخُلِقَتْ له، بعد العبودية لرب العالمين.

الأمومة والتضحية:

تنتقل المرأة بعد ذلك إلى طور آخر تبلغه، فتبلغ به غاية ما أعدَّت له من كمال النفس، وشرف العاطفة، ذلك طور التضحية، فهناك تنزل المرأة عن حقها من الوجود لمن فُصِل عن لحمها ودمها، تسهر لينام، وتظمأ لِيروى، وتحتمل الألم المُمِضَّ- راضية مغتبطة - لتذيقه طعم الدعة، وتُنْشِيَهُ نسيم النعيم.

تلك هي التضحية بالنفس بلغت بها الأمومة غايتها:

* والجودُ بالنفسِ أقصى غايةِ الجودِ "

وهاك هذه القصة الشعرية الرمزية، والتي يُظهر فيها الشاعر حقيقة قلب الأم، وما يكنه من مشاعر وعواطف، ورأفة وحنان:


= باب التزوج على الإسلام، ورجاله ثقات خلا خالد بن مخلد، وهو القَطَواني، قال الحافظ في " التقريب " (١/٢١٨) : (صدوق يتشيع، وله أفراد) اهـ.
(٤٣٣) رواه النسائي (٦/١١٤) ، وانظر: " المحلى" (٩/٤٩٩ - ٥٠٠) .
(٤٣٤) " بلاغات النساء " ص (١٣٢ - ١٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>