للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الله وعلى رسوله فقالت عند ذلك: مرحبًا برسول الله صلى الله عليه وسلم " (٤٣١)

وتلك أم سُليم الغُمَيْصاء رضي الله عنها إحدى السابقات إلى الإسلام، أسلمت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وبايعته حين مقدمه إلى المدينة، وكان إسلامها مراغمة لزوجها مالك بن النضر، وكان ولدها أنس بن مالك يومئذ طفلًا رضيعًا، فكانت تقول له: قل: " لا إله إلا الله "، قل: " أشهد أن محمدَا رسول الله " فجعل ينطق بذلك أولَ ما ينطق، فكان مما يثير الغضب في نفس مالك، فيقول لها: " لا تفسدي علي ولدى " فتقول: " إني لا أفسده "! ، ثم أيأسه أمرها فخرج عنها إلى الشام، وهنالك لقي عدوا له، فقتله، فلما بلغها قتله - وكانت شابة حَدَثَة، وكثر خُطَابُها - قالت: " لا جَرَمَ، لا أفطم أنسًا حتى يدع الثدي، ولا أتزوج حتى يجلس في المجالس ويأمرني " فوفت بعهدها وَبَرَّتْ، وكان أنس رضي الله عنه يعرف لها تلك المنة، ويقول: " جزى الله أمي عني خيرًا، لقد أحسنت ولايتي ".

حتى إذا شب أنس تقدم لخِطتها أبو طلحة زيد - وكان مشركًا - فأبت، ثم قالت له يومًا فيما تقول: " أرأيت حجرًا تعبده لا يضرك ولا ينفعك، أو خشبة تأتي بها النجار، فينجرها لك: هل يضرك؟ هل ينفعك؟ "، وأكثرت من أشباه ذلك الكلام، فوقع في قلبه الذي قالت، فأتاها فقال: " لقد وقع في قلبي الذي قلتِ "، وآمن بين يديها، قالت: " فإني أتزوجك، ولا أريد منكَ صَداقًا غير الإسلام " (٤٣٢) ، قال ثابت:


(٤٣١) انظر روايات الحديث في " الطبقات " لابن سعد (٨/٩٠) ، و " المسند " للإمام أحمد (٦/٣١٣، ٣١٤، ٣١٧) ، وسنن النسائي (٦/٨١، ٨٢) في النكاح: باب إنكاح الابن لأمه، وقال الحافظ في " الإصابة " (١٣/٢٢٣) : (إسناده صحيح) اهـ.
وصححه ابن حبان (١٢٨٢) ، والحاكم (٤/١٧) ، ووافقه الذهبي.
(٤٣٢) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (٨/٤٢٦) ، والنسائي (٦/١١٤) في النكاح: =

<<  <  ج: ص:  >  >>