للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي رضي الله عنه، وبنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وراوية حديث الإسراء، فَرق الإسلام بينها وبين زوجها (هبيرة) (٤٢٨) ، وكانت قد انكشفت منه عن أربعة بنين، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت أم هانئ: " يا رسول الله، لأن أحب إليَّ من سمعي ومن بصري، وحق الزوج عظيم، فأخشى إن أقبلت على زوجي - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن أضيعَ بعض شأني وولدي، وإن أقبلت على ولدي أن أضَيِّعَ حق زوجي "، وهنا امتدحها النبي صلى الله عليه وسلم، وشكر لها ذلك، فقال: " إن خير نساءٍ ركبن الإبل نساءُ قريش، أحْناه على ولدٍ في صِغَرِه، وأرْعاهُ على بَعلٍ - أي زوج - في ذات يده " (٤٢٩) .

وانصرفت أم هانئ إلى الاهتمام بأمور أبنائها وتربيتهم تربية صالحة، فنشأوا عالمين عاملين، وروى بعضهم عنها ما حدثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث أمثال ابن ابنها جَعْدة المخزومي، وابن ابنها يحيى بن جعفر، وابن ابنها هارون، وعاشت حتى خلافة أخيها علي رضي الله عنه.

وكان ذلك بعض عذر أم سلمة حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت تقول له: " إني مُصبْية " (٤٣٠) ، فأرسل إليها: " أما ما ذكرتِ من أيتامك


(٤٢٨) انظر: " سير أعلام النبلاء " (٢/٣١٢ - ٣١٣) .
(٤٢٩) رواه البخاري (٩/١٠٧) في النكاح: باب إلى من ينكح؟ وأي النساء خير؟ وفي النفقات: باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده، والنفقة، ومسلم (٢٥٢٧) في فضائل الصحابة: باب خيار الناس، والإمام أحمد (٢/٢٦٩) ، ٢٧٥، ٣٩٣، ٤٤٩، ٥٠٢) ، وفي رواية " المستدرك " (٤/٥٣) : (لكني امرأة مُصبِية، فأكره أن يؤذوك) .
(وقوله: " أحناه على ولد ": أشفقه، والحانية التي تقوم بولدها بعد موت الأب، وحنت المرأة على ولدها: لم تتزوج بعد موت الأب، قال ابن التين: فإن تزوجت فليست بحانية، قال الحسن في الحانية: التي لها ولد، ولا تتزوج) اهـ.
من " فتح الباري " (٦/٤٧٣) .
(٤٣٠) أي ذات صبية، والصبي من لم يفطم بعد، وقد كان لها ثلاثة أولاد: سلمة أكبرهم، وعمر وزينب أصغرهم، وربوا في حجر النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>