للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسب، والحرية، والحرفة، والمال، وإنما كان مقصودهم بهذا توفير دواعي الاستقرار والانسجام في الأسرة، وتجنب دواعي الشقاق والضرر والتنغيص، (ولأن النكاح يعقد للعمر، ويشتمل على أغراض ومقاصد: كالازدواج، والصحبة، والألفة، وتأسيس القرابات، ولا ينتظم ذلك عادة إلا بين الأكفاء) (٥٥٥) .

وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك، ونقل عن ابن عمر وابن مسعود، ومن التابعين عن محمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز.

فقد ذهب هؤلاء العلماء، ومن وافقهم إلى أن الكفاءة معتبرة بالاستقامة والخلق فقط، ولا اعتبار لنسب (٥٥٦) ، ولا لصناعة، ولا لغنى، ولا لشيء آخر ... فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له، أن يتزوج المرأة النسيبة، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج المرأة الرفيعة القدر، ولمن لا جاه له أن يتزوج صاحبة الجاه والشهرة، وللفقير أن يتزوج المثرية الغنية- ما دام مسلمًا عفيفًا -، وأنه ليس لأحد من الأولياء الاعتراضُ، ولا طلب


= الفاسق مردود الشهادة والرواية، وغير مأمون الجانب على النفس والمال، ناقص عند الله وعند خلقه، فلا يجوز أن يكون كفئا ولا مساويًا للصالحة، خلافا لما ذهب اليه ابن حزم رحمه الله حيث قال: " والفاسق الذي بلغ الغاية من الفسق المسلم- ما لم يكن زانيا- كفء للمسلمة الفاضلة، وكذلك الفاضل المسلم كفء للمسلمة الفاسقة ما لم تكن زانية" اهـ. من " المحلى" (١٠/٢٤) ، وخلافًا أيضًا لمحمد بن الحسن رحمه الله حيث قال: " إن الفسق لا يمنع الكفاءة، إلا إذا كان صاحبه متهتكا يصْفَع، ويُسْخَر منه، أو يخرج إلى الأسواق سكران؛ لأن الفسق من أحكام الآخرة، فلا تبتني عليه أحكام الدنيا" اهـ. نقلًا من: " الفقه الإسلامي وأدلته، (٧/٢٤١) .
(٥٥٥) انظر: " إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري " للقسطلاني (٨/١٩) .
وقد مَال الحافظ في "الفتح": (ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث) اهـ. (٩/١٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>