وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله: (قال الثوري وقتادة: " حافظات للغيب ": يحفظن في غيبة الأزواج ما يجب حفظه في النفس والمال، وروى ابن جرير والبيهقي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتهما أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها " وقرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية) وقال: (أقول: ويدخل في قوله هذا وجوب كتمان كل ما يكون بينهن وبين أزواجهن في الخلوة، ولا سيما حديث الرفث، فما بالك بحفظ العرض؟ ! وعندي أن هذه العبارة أبلغ ما في القرآن من دقائق كنايات النزاهة، تقرؤها خرائد العذارى جهرا، ويفهمن ما تومئ إليه مما يكون سرا، وهن على بعد من خطرات الخجل أن تمس وجدانهن الرقيق بأطراف أناملها، فلقلوبهن الأمان من تلك الخلجات، التي تدفع الدم إلى الوجنات، ناهيك بوصل حفظ الغيب (بما حفظ الله) فالانتقال السريع من ذكر ذلك الغيب الخفي، إلى ذكر الله الجلي، يصرف النفس عن التمادي في التفكير فيما يكون وراء الأستار، من تلك الخفايا والأسرار، وتشغلها بمراقبة الله عز وجل. وفسروا قوله تعالى: (بما حفظ الله) بما حفظه لهن في مهورهن، وإيجاب النفقة لهن - يريدون أنهن يحفظن حق الرجال في غيبهم جزاء على المهر ووجوب النفقة المحفوظين لهن في حكم الله تعالى، وما أراك الا ذاهبا معى إلى وهَن هذا القول وهزاله، وتكريم أولئك الصالحات بشهادة الله تعالى أن يكون حفظهن لذلك الغيب من يد تلمس، أو عين تبصر، أو أذن تسترق السمع، معللا بدراهم قبضن، =