للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصالحة عابدة لله تعالى تعين زوجها على تطبيق الإسلام على نفسه وعلى أسرته، وأما حفظ الغيب فهو واجب على كلا الزوجين، لكنه في حق المرأة آكد وأقوى، لأن الخطر في تساهلها عظيم جدا، يهدد بأفظع النتائج الدينية والدنيوية، ويدمر الأسرة، فالمرأة الصالحة حافظة لزوجها في غيابه: من عِرض فلا تزني، ومن سر فلا تفشي، ومن سمعة فلا تجعلها مضغة في الأفواه.

ومن حفظ السر: عدم نشر ما يكون بين الزوجين متعلقًا بالوقاع ونحوه، وقد ثبتت أحاديث في تحريم ذلك:

منها: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي (٦١٧) إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر (٦١٨) ...................................


= ولقيمات يرتقبن، ولعلك بعد أن تمج هذا القول يقبل ذوقك ما قبله ذوقي، وهو أن الباء في قوله: (بما حفظ الله) هي صِنْوُ باء: " لا حول ولا قوة إلا بالله" وأن المعنى: حافظات للغيب بحفظ الله، أى: بالحفظ الذي يؤتيهن الله إياهن بصلاحهن، فإن الصالحة يكون لها من مراقبة الله تعالى وتقواه ما يجعلها محفوظة من الخيانة، قوية على حفظ الأمانة، أو حافظات له يسبب أمر الله بحفظه، فهن يطعنه، ويعصين الهوى) اهـ من " حقوق النساء في الإسلام" ص (٤٨- ٥٠) ..
(٦١٧) أي: يصل إليها بالمباشرة والمجامعة ومنه قوله تعالى: (وقد أفضى بعضكم إلى بعض ".
(٦١٨) وقد أضاف الحديث الشر إلى الرجل وحده، لأنه أجرأ في الكشف عن مثله، وليس معنى ذلك أن ذكر الإفضاء حرام على الرجل مباح للمرأة، فالتحريم يشملهما معا، قال النووي رحمه الله: (ومجرد ذكر الجماع - إن لم تكن فيه فائدة، ولا حاجة إليه - فمكروه، لأنه خلاف المروءة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت" اهـ من " شرح النووي لصحيح مسلم" (١٠/٩) ، ولهذا فإن التشريع الحكيم لا يبيح ذكره تعريضا إلا إذا كان لتعليم درس، أو طلب إعلام فقهي، أو مقاضاة بين زوجين، ويترتب على ذكره فائدة، وهكذا كان أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال لأبي طلحة رضي الله عنه: " أأعرستم الليلة؟ "، وقال لجابر رضي الله عنه: " الكيسَ، الكيسَ، يعني الولد، وهو لا يأتي إلا بالنكاح، وعن مجاهد في تفسير قوله تعالى: (وإذا مروا باللغو مروا كراما قال: (إذا أتوا عل ذكر النكاح كنوا عنه) رواه ابن أبي شيبة (٤/٣٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>