للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(.. فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة، فهو جاهل أحمق، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة) اهـ.

ثم قال رحمه الله تعالى: (.. وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصداق، فتزوج عبد الرحمن بن عوف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على وزن نواة من ذهب، قالوا: وزنها ثلاثة دراهم وثلث، وزوج سعيد بن المسيب بنته على درهمين، وهي من أفضل أيم من قريش، بعد أن خطبها الخليفة لابنه، فأبى أن يزوجها به) (٧٢٤) ] اهـ.

هكذا كانت سيرة السلف الصالح رضي الله عنهم في شأن المهر، ثم خَلَفَ من بعدهم خَلف سيطر على أفكارهم النظرة التجارية، فتراهم يُغالون في المهور، حتى إنه لا يكاد يخرج بعضهم من عقد زواج إلا وهم يتحدثون عن المهر، وكم بلغ من الأرقام القياسية..! ؟ كأنما خرجوا من حلبة سباق، أو مزايدة!

وترى بعضهم إذا خطب إليه الرجل ابنته أو موليته أخذ يُحِدُّ شفرته ليفصل ما بين لحمه وعظمه، فإذا قطع منه اللحم، وهشم العظم، وأخذ منه كل ما يملك، سلمَها له، وهو في حالة بؤس وفقر شديدين، مُثْقَلا بأوزار الديون، والتي من لوازمها الهموم والغموم التي تكدر عليه صفوه، فتذله بالنهار، وتقض مضجعه بالليل، ويغلي بنارها قلبه، ولا تزال به حتى تجعل القوي ضعيفًا، والسمين نحيفًا، كما قيل:


= كما في " نيل الأوطار" (٦/١٩٠) ، و "الفتح الرباني" (١٦/١٦٨) .
(٧٢٤) " مجموع الفتاوى" (٣٢/١٩٤ - ١٩٥) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>