للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مذهب أحمد وغيره، والصحيح أن مناط الإجبار هو الصغر، وأن البكر البالغ لا يجبرها أحد على النكاح فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر (٧٩٢) فقيل له: "إن البكر تستحيي" فقال: " إذنها صماتها وفي لفظ في الصحيح: " البكر يستأذنها أبوها".

فهذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تنكح البكر حتى تُستأذن "، وهذا يتناول الأب وغيره، وقد صرح بذلك في الرواية الأخرى الصحيحة، وأن الأب نفسه يستأذنها.

وأيضًا: فإن الأب ليس له أن يتصرف في مالها إذا كانت رشيدة إلا بإذنها، وبضعُها أعظم من مالها (٧٩٣) ، فكيف يجوز أن يتصرف في بُضْعِها مع كراهتها ورشدها؟!


(٧٩٢) رواه البخاري رقم (٥١٣٦) ، ومسلم رقم (١٤١٩) ، والترمذي (١١٠٧) و (١١٠٩) ، وأبو داود (٢٠٩٢) ، (٢٠٩٣) ، والنسائي (٦/٨٥) ، واعلم أن الاستئمار لا يكون جوابه إلا بالنطق، لأنه طلب الأمر، والأمر لا يكون إلا بالنطق، أما الاستئذان فهو طلب الإذن، وهو يصح بالسكوت، انظر: " فتح الباري" (٩/١٩١ - ١٩٣) ط. السلفية، و"موسوعة الفقه الإسلامي" (٥/١٣٢) .
فائدة: (قال ابن المنذر: يستحب إعلام البكر أن سكوتها إذن) اهـ (فتح الباري ٩/١٩٣) ، وقال الأبي: (استحباب إعلامها بذلك هو المشهور، ونقل ابن رشد عن ابن مسلمة أن إعلامها بذلك واجب، وعلى القولين يكفي إعلامها مرة واحدة، وقال ابن شعبان: يقال ذلك لها ثلاًثا: " إن رضيت فاسكتي، وإن كرهت فانطقي، واستحب ابن الماجشون الوقوف عندها قليلًا) اهـ من " إكمال إكمال المعلم" للأبي (٤/٣٠) .
قال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله: (ومعلوم أن إخراج مالها كُله بغير رضاها، أسهلُ عليها من تزويجها بمن لا تختاره بغير رضاها) اهـ. من " زاد المعاد" (٥/٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>