للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك، وأولى، فإن أكل المكروه مرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك، ولا يمكن فراقه) (٨٠٦) اهـ.

خامسا: أنه موافق لمصالح الأمة، ولا يخفى مصلحةُ البنت في تزويجها بمن تختاره وترضاه، وحصولُ مقاصد النكاح لها به، وحصول ضد ذلك ممن تُبغِضه وتنفر عنه، قال الشاه ولي الله الدهلوي رحمه الله: " لا يجوز أن يحكم الأولياء فقط لأنهم لا يعرفون ما تعرف المرأة من نفسها، ولأن حار العقد وقاره (٨٠٧) راجعان إليها " (٨٠٧) اهـ.

وقد ثبتت أحاديث تدل على أن المرأة إذا أبغضت الزوج لم يكن لوليها إكراهها على عشرته، وإذا أحبته لم يكن لوليها التفريق بينهما (٨٠٩) : فمن ذلك: ما ثبت من أن بَرِيرة - وهى جارية حبشية - ملكها عتبة بن أبي لهب وزوجها عبدا من عبيد المغيرة ما كانت لترضاه لو كان لها أمرها، فأشفقت عليها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فاشترتها، وأعتقتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ملكتِ نفسك، فاختاري "، وكان زوجها مغيث يطوف خلفها في سكك المدينة، يبكي عليها، وهي تأباه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " ألا تعجبون من شدة حبه لها، وبغضها له؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم لها: " لو راجعتِهِ، فإنه أبو ولدكِ قالت: " يا رسول الله،


(٨٠٦) " مجموع الفتاوى" (٣٢/٣٠) .
(٨٠٧) أي: ضرر العقد ونفعه.
(٨٠٨) " حجة الله البالغة" (٢/١٢٧) .
(٨٠٩) انظر: " فتح الباري" (٩/٤١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>