للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل (٨٠٥) : أنه لا يجوز أن تجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تُزوج إلا برضاها، فإن وقع لم يصح العقد، وهذا مذهب الأوزاعي، والثوري، والحنفية، وغيرهم، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم.

وهذا هو المذهب الحق الذي يجب أن ندين الله به، ولا نعتقد سواه، للأسباب الآتية:

أولاً: أنه موافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه حكم بتخيير البكر الكارهة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ثانيا: أنه موافق لأمره صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: " والبكر تستأذن"، وهذا أمر مؤكد، لأنه ورد بصيغة الخبر الدال على تحقق المخبر به وثبوتهِ ولزومه، والأصل في أوامره صلى الله عليه وسلم أن تكون للوجوب، ما لم يقم إجماع على خلافه. ثالثا: أنه موافق لنهيه صلى الله عليه وسلم، وهو الوارد في قوله: " لا تنكح البكر حتى تُستأذن " فَأمَرَ، ونهى، وحكم بالتخيير، وهذا إِثبات للحكم بأبلغ الطرق.

رابعا: أنه موافق لقواعد شرعه صلى الله عليه وسلم، فإن البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف أبوها في أقل شيء من مالها إلا برضاها، فكيف يجوز أن يُرِقها، ويخرج بضعها منها بغير رضاها إلى من يريده هو، وهي من أكره الناس فيه، وهو مِن أبغض شيء إليها؟


= عن عمر بن حسين به نحوه مختصرا، وفيه عند الحاكم: " لا تنكحوا النساء حتى تستأمروهن، فإذا سكتن فهو إذنهن"، وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا) اهـ. "السلسلة الصحيحة" (٣/٤٤٤) .
(٨٠٥) ملخصًا من " زاد المعاد" (٥/٩٥ -٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>