للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" إن هذا لا يحل لي " (٨٧٢) ، وعرض أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ابنة عمه عمارة بنت حمزة رضي الله عنهما، فاعتذر صلى الله عليه وسلم بأنها ابنة أخيه من الرضاعة (٨٧٣) ، وقال صالح مدين لموسى عليه السلام: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) الآية (القصص: ٢٧) قال القرطبي: (فيه عرض الولي بنته على الرجل؛ وهذه سنة قائمة؛ عرض صالح مدين ابنته كل صالح بني إسرائيل) (٨٧٤) إلخ.

(هكذا كان شأن الرعيل الأول من أصحاب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في فهمهم للإسلام، وأخذهم بآدابه، واجتهادهم في تحري الصالحين لبناتهم أو أخواتهم، وصراحتهم في العرض، وعدم تحرجهم في القبول أو الرفض، إذ كان هدف الجميع دائمًا القيام بحق الله تعالى، سواء بالنسبة لبناتهم وأخواتهم، باعتبارهن أولى الناس ببرهم واجتهادهم، أو بالنسبة لإخوانهم في الله: باعتبارهم أحق الناس بمصاهرتهم وإكرامهم، ولكن غفلة كثير من الناس في هذا الزمان عن هذه الآداب السامية، قلب الأوضاع في نظرهم، وأصبح التأسي بمثل هؤلاء الكرام البررة محل غرابة واستنكار، وظنه البعض محاولة لترويج بضاعة كاسدة، فأحجم ذوو النفوس العالية عن عرض بناتهم وأخواتهم


(٨٧٢) رواه البخاري (٩/١٢١) في النكاح: باب (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) ، وباب (وأن تجمعوا بين الأختين) وغيرهما، ومسلم رقم (١٤٤٩) في الرضاع، وأبو داود رقم (٢٠٥٦) ، والنسائي (٦/٩٦) كلاهما في النكاح.
(٨٧٣) رواه مسلم رقم (١٤٤٦) في الرضاع: باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، والنسائي (٦/٩٩) في النكاح: باب تحريم بت الأخ من الرضاعة.
(٨٧٤) " الجامع لأحكام القرآن " (١٣/٢٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>