للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل عن الزوج الصالح لابنته من أهل الكفاءة والديانة والأمانة، فيعرضها عليه، ويحصل هذا غالبًا ممن لديهم بُعْد نظر، وحسن تفكير، وليس أدل على ذلك من فعل أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخليفته الثاني، ومن نزل القرآن موافقا رأيه، فعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال:

(إن عمر بن الخطاب حين تأيمت (٨٦٩) حفصة بنت عمر من خنيس ابن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفي بالمدينة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال: " سأنظر في أمري"، فلبثت ليالي، ثم لقيني فقال: " قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا"، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: " إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر "، فصمت أبو بكر فلم يرجع في شيئًا، وكنت أوجدَ عليه مني على عثمان (٨٧٠) ، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر، فقال: " لعلك وجدت عَلَي حين عرضت عَلي حفصة فلم أرجع عليك؟ "، قال: قلت: " نعم "، قال أبو بكر: " فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سِرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها النبي صلى الله عليه وسلم لقبلتُها ") (٨٧١) .

وعرضت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أختها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:


(٨٦٩) أي صارت أيمًا، وهي التي يموت زوجها، أو تبين منه، وتنقضي عدتها، وأكثر ما تطلق على من مات زوجها، وانظر " القسم الثالث " ص (٦٤) .
(٨٧٠) أي كان أشد غضبا عليه منه على عثمان رضي الله عنهم أجمعين، لقوة المودة بينه وبين أبي بكر، ولأن عثمان أجابه أولًا ثم اعتذر، أما أبو بكر فإنه لم يجبه بشيء.
(٨٧١) تقدم تخريجه برقم (٨٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>