فهذا يُنْدَبُ فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يؤول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولادا صالحين ... قلت: ومن هذا المعنى ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يَفْرَك مؤمن مؤمنةً إن كرِه منها خُلقًا رضي منها آخر " أو قال: " غيره"، المعنى: أي لا يُيْغِضها بغضًا كُليا يحمله على فراقها، أي لا ينبغي ذلك بل يغفر سيئتها لحسنتها، ويتغاضى عما يكره لما يحب.
وقال مكحول: سمعت ابن عمر يقول: " إن الرجل ليستخير الله تعالى فَيُخار له، فيسخط على ربه عز وجل، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة، فإذا هو قد خِيرَ له.
وذكر ابن العربي بسنده عن أبي بكر بن عبد الرحمن: كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة والمعرفة، وكانت له زوجة سيئة العشرة، وكانت تُقَصر في حقوقه، وتؤذيه بلسانها؛ فيقال له في أمرها ويُعذَلُ بالصبر عليها، فكان يقول: " أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني، فلعلها بُعثت عقوبة على ذنبي، فأخاف إن فارقتها أن تنزل بي عقوبة هي أشد منها " قال علماؤنا: في هذا - أي ما تقدم من الآية والحديث - دليل على كراهة الطلاق مع الإباحة) (٩٤١) اهـ.
(قوله تعالى: (فإن كرهتموهن) أي إن كرهتم صحبتهن وإمساكهن بمقتضى الطبيعة من غير أن يكون من قِبَلهن ما يوجب ذلك (فعسى أن تكرهوا شيئا) كالصحبة والإمساك (ويجعل الله فيه خيرًا كثيراً) كالولد والألفة التي تكون بعد الكراهة، والمعنى: فإن كرهتموهن